بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

روميو وجوليت...الرواية والحقيقة

قصة الحب الشهيرة التي كتبها شكسبير في نهاية القرن السادس عشر عن شاب وصبية من إسرتين من مدينة فيرونا الإيطالية كانتا في عداء دائم. أحبا بعضهما بعد لقائهما في حفلة من حفلات المدينة، ومن ثم يتزوجان سراً لمعرفتهما بأن أبويهما لن يريضان بهذا الزواج. وكان والد جولييت قد وعد كونت باريس بابنته زوجة حال بلوغها السادسة عشرة. وبالفعل يأتي الكونت إلى فيرونا، ويبدأ الأب بالإعداد لمراسم الزواج. هنا تذهب جوليت إلى القس الذي زوجهما، فعيطها شراباً له إمكانية إبقائها في غيبوبة لمدة أربعين ساعة. وهذا ما كان. يعتقد الأب والجميع أنها توفيت، ويبدأ الإعداد لمراسم الدفن. وفي الحال أرسل القس يعلم روميو، الذي كان حاكم فيرونا قد نفاه بسبب مهاترات بين العائلتين كان روميو ورائها، ويطلب منه الحضور لإنقاذ جوليت. ولكن  خبر الوفاة كان قد نما إليه، فيعود إلى فيرونا لإلقاء النظرة الأخيرة على جوليت حيث يجد الكونت يبكيها. تدور مبارزة بين الاثنين يُقتل إثرها الكونت وينتحر روميو الذي لم يعد يطق الحياة بعد وفاة جوليت. يصل القس متأخراً، وتبدأ جوليت بالاستيقاظ، التي ستقتل نفسها عند رؤيتها روميو ميتاً حزناً عليها. ويدرك والدا روميو وجوليت أن عداءهما يجب أن يتوقف، إذ إن نتيجته لم تكن سوى التعاسة لعائلتيهما.

هذا موجز لمسرحية شكسبير التي كتبها بين عامي 1591 و 1595، ولكنها لم تكن من بنات أفكاره. يعود أصل الرواية إلى الإيطالي لويجي دا بورتو من قرية قرب البندقية الذي كتب في عام 1530 رواية بعنوان "قصة حديثة لنبيلين متحابين". وهي قصة تشبه مسرحية شكسبير في كثير من جوانبها وشخصياتها ولكن بدون إسقاطات شكسبير ومأساوية أبطال مسرحيته. ولكن قصة لويجي دا بورتو استندت إلى شيء حقيقي يخصه شخصياً. فهو أحب ابنة عمه الذي كان يناصب أباه العداء. ولم يتمكن من الزواج منها التي تزوجت من شخص آخر. هنا ينسحب لويجي من الحياة العامة ويكتب روايته مستخدماً أسماء روميو وجوليت ويجعل مكان أحداثها مدينة فيرونا البعيدة قرابة مائة كيلومتر عن قريته.

فصاصات ورق بمعظم اللغات بما فيها العربية تعلن حب فلان لفلانة علقت بقرب رفة جوليت
ومع هذا، يعتقد الإيطاليون، ومحبو مسرحية روميو وجوليت، بأن القصة حقيقية مكانها المدينة المذكورة وصنعوا لها "بلكونة" يفترض أنها الشرفة التي وقفت جوليت عليها تبث حبها لروميو الذي كان في الخارج ينتظر مرآها. يحج الناس، من كل الجنسيات، إلى هذا المكان المفترض للقاء الحبيبين ويتركوا ذكريات حبهم الشخصية. رواية أخرى من آلاف الروايات التي لا سند لها سوى خيال محبيها.


وأيا ما كان، فمسرحية شكسبير تعج بالمشاعر الإنسانية النبيلة من الفخر والاعتزاز والوفاء والحب والنبل والشرف. وغير المسرحية فقد أولف العديد من الأوبرا باسم "روميو وجوليت"، وخاصة تلك الرائعة التي ألفها بروكفيف في النصف الأول من القرن العشرين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق