بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 24 نوفمبر 2017

وعد بلفور ... بعد مائة سنة

في الثاني من تشرين الثاني لعام 1917 أرسل وزير خارجية بريطانيا أرثر بلفور رسالة موجهة إلى الاتحاد الصهيوني ممثلاً باللورد والتر رويتشلد. نشرت هذه الراسلة في الصحف البريطانية يوم التاسع من تشرين الثاني للعام نفسه.
نص رسالة وعد بلفور:
وزارة الخارجية
في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جداً أن أبلغكم، بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة، تصريح التعاطف التالي الخاص بأماني اليهود الصهاينة، الذي عُرض على مجلس الوزراء وأقره.
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر إيجاباً إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل كل جهودها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً ألا يؤتى بعمل من شأنه أن يمس بالحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص
آرثر جيمس بلفور

أتت هذه الرسالة نتيجة لبدء الحكومة البريطانية البحث في مستقبل فلسطين عقب الحرب العالمية الأولى التي كانت تفكر في السيطرة عليها بعد إجلاء العثمانيين عنها. ولم يكن هذا أول عهد بريطانيا بالتفكير في فلسطين واليهود، فقد كان ذلك من بين التصورات منذ النصف الأول للقرن التاسع عشر، مترافقاً مع تأكيد موقع بريطانيا باعتبارها إمبراطورية استعمارية ورغبتها مع فرنسا في كيفية تقاسم تركة الرجل المريض بما يخدم مصالحهما، وخاصة مصالح بريطانيا في الهند.

تعود أولى المفاوضات بين الحكومة البريطانية والحركة الصهيونية إلى مطلع عام 1917 التي جرت بين السير مارك سايكس (الذي ساهم في اتفاق سايكس-بيكو) والقيادة الصهيونية في بريطانيا. ونتيجة مناقشات تالية قدم رويتشلد ووايزمان مسودة إلى بلفور  في حزيران عام 1917. جرت عليها تعديلات من قبل مجلس الوزراء البريطاني في أيلول وتشرين الثاني، وشارك في التعديلات جماعات يهودية صهيونية وجماعات مناهضة للصهيونية ولم يشارك فيها اي ممثل عن الشعب الفلسطيني.

السبب الرئيسي الدافع للحكومة البريطانية لهذا التصريح هو حاجتها للمصارف اليهودية الأوروبية والأمريكية، ويمكن فهم إرسالها إلى روتشيلد وليس وايزمان من هذا المنظور. والكلمات الأولى في هذه الرسالة تمثل أول دعم عام للصهيونية من قبل سلطة سياسية، وهذا لوحده مثّل دعماً معنوياً كبيراً للصهاينة في ذلك الوقت.

يقول البريطانيون إن تعبير "مقر وطني national home" هو تعبير غير مسبوق في القانون الدولي لا يعني بالضرورة "دولة يهودية". كما أن حدود فلسطين لم تكن معروفة في ذلك الوقت، كما أن التصريح يتحدث عن مقر "في فلسطين" وليس كل فلسطين، وأن الجزء الأخير من النص يذكّر بحقوق الجماعات غير اليهودية.

ولكن الرسالة لا تشير أبداً إلى الحقوق السياسية للجماعات الموجودة في فلسطين، مما يجعل منها تصريحاً مخاتلاً على عادة الديبلوماسية البريطانية. وهي في كل الأحوال أول وثيقة رسمية تصدر عن قوة عظمى في ذلك الوقت وتشير إلى الاتحاد الصهيوني.

وأياً ما كان، فقد عمل الصهاينة على بناء وطن-دولة لهم مستفيدين من كل الفرص الممكنة، في حين أن العرب لم يقوموا بأي شيء فعلي لمنع ذلك. ومن الواضح، إن رجعنا بالزمن، أنه لم يكن بمقدور العرب يومها أن يقوموا بأي شيء، فلم يكونوا أصحاب علم ودراية وثروة أو قوة يسخرونها في الدفاع عن أنفسهم وبناء مجتمعاتهم، وهم حتى اليوم لم يتمكنوا من ذلك. وهذا وضع لن يدوم إلى أبد الدهر، إذ من طبيعة الحياة الحركة الدائمة، وبالتدافع تصل المجتمعات إلى بر أمان يتح لها مكاناً مستقراً على هذه الأرض.

تقدم الدكتورة خيرية قاسمية فكرة شاملة عن تلك الفترة عبر هذا الرابط.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق