بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 23 مايو 2018

برنارد لويس... المستشرق الباغض للشرق وأهله


توفي في 19 أيار الجاري (عام 2018 ) المستشرق البريطاني المولد (من مواليد عام 1916) والأمريكي الإسرائيلي الجنسية برنارد لويس بعد عمر تجاوز المائة عام كانت حافلة بنشاط "فكري" تاريخي لوّنه بمواقف سياسية ترتبط بأصوله الدينية.


ولد لأسرة يهودية متوسطة الحال في لندن. درس العبرية والآرامية والعربية في صباه ثم درس اللاتينية والإغريقية في شبابه، وكان مولعاً بالتاريخ الذي درسه وحصل على الدكتوراه فيه من جامعة لندن عام 1939. زار فرنسا التي بدأ فيها تعلم التركية والفارسية، ودرس في جامعة القاهرة بين عامي 1936 و 1937، وتنقل بعدها بين فلسطين وسورية ولبنان وتركيا. وفي الحرب العالمية الثانية عمل في جهاز الاستخبارات البريطاني. نشر في عام 1950 كتاب "العرب في التاريخ" وهو مترجم إلى العربية مع كتب أخرى عديدة.

معظم كتبه حول الإسلام مثل "أوروبا والإسلام" و "الإسلام في التاريخ" و"اللغة السياسية للإسلام" و "الإسلام: الدين والناس" وعشرات الكتب غيرها. وهو من أكبر الاختصاصيين الغربيين في التاريخ التركي. زار تركيا مرات عديدة وله عنها كتاب ظهر عام 1961 ولقي نجاحاً في الغرب بعنوان "بزوغ تركيا المعاصرة" يتحدث فيه عن تركيا منذ القرن الثامن عشر وحتى عام 1950. وكانت له صداقات وتعاطف مع أتراك جعلته يتخذ موقفاً ناكراً للمذبحة التي تعرض لها الأرمن حيث كان يجد الأعذار للضباط الأتراك الذين كانوا يحكمون تركيا وقت المجزرة. وهذا ما أثر على قبوله في كمفكر في أوروبا.

فهو لم يكن مؤرخاً عالماً وإنما كان منخرطاً في القضايا السياسية. وهو أول من قال "بصراع الحضارات" في عام 1957 عقب حرب السويس وأخذه عنه مساعده صمويل هاتنغتون. كان تأيده لإسرائيل سافراً دائماً وثابتاً مما يخلع عنه صفة الحيادية التي يجب أن يتمتع بها العالم، فدون ذلك ستكون أفكاره بالنسبة للآخرين مشوبة بالهوى ولا يمكن الركون إليها. عمل مستشاراً لجورج بوش الابن بأمل أن يضع معارفه التاريخية في خدمة هذا الأخير في حربيه في أفغانستان والعراق، وخاصة العراق، بغية الوصول إلى تحسين وضع الدولتين ونقلهما إلى عالم أفضل. وما علينا إلا النظر إلى وضعي البلدين لمعرفة النتائج، نتائج جعلته يتنصل لاحقاً من مسانتدته لهذه الحرب... أطلق عليه أحد الصحفيين الغربيين صفة "كاهن الحرب الكبير في الشرق الأوسط".

كان ممن يقولون بأن العالم الإسلام، أو الإسلام، معاد للديمقراطية ولا يمكنه التعايش معها وأن العالم الإسلامي متيبس في معاداته الأساسية للغرب. وكان يقول "بأنهم" [المسلمون] لا يحبوننا، ليس بسبب ما نفعله وإنما "لأنهم" يرفضون قيمنا في الحرية، ولأنهم فقدوا قوتهم منذ قرنين [نهاية القوة العثمانية]. ولم يكن بالنسبة له تأميم قناة السويس وسقوط الشاه والثورة الإيرانية وثورات الفلسطينيين... إلا بسبب كرههم للغرب... وطبعاً هو في كل هذا ينسى الآلام التي سببها الغرب لهم، وخاصة لأهل المشرق، منذ مطلع القرن التاسع عشر انتهاء بفلسطين وما تلاها، وقبل ذلك ثلاثة قرون من الحروب الصليبية. ومن أكبر وأكثر من واجهه المفكر الفلسطيني-الأمريكي إدوارد سعيد في كتبه ودراساته، وقال عنه "إن فحوى إيديولوجية برنارد لويس  فيما يخص الإسلام هي بأنه لا يتغير أبداً... وأن كل مقاربة سياسية أو تاريخية أو جامعية للمسلمين يجب أن تبدأ وتنتهي بواقع أن المسلمين هم مسلمون"... 
كيف يمكن للمرء أن يكون حر التفكير طالما أنه ينطلق من أفكار مسبقة!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق