بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 13 مايو 2018

أسطورة الخلق الاسكندنافية

لكل شعب في الأرض أسطورته الخاصة به في الخلق، خلق الكون والأرض والإنسان. والأسطورة قدمت أجوبة (على علاتها)عن تساؤلات الإنسان، تساؤلات لم يكن يعرف حتى من أين تبدأ الإجابة عليها. وهي ككل الأساطير تعبر عن تصور شعب ما لأجوبة عن هذه التساؤلات (خاصة تلك المتعلقة بأصل الحياة والخلق)، شارك في بنائها عبر أجيال عديدة متعاقبة إلى أن اعتمدت لدهر ثم أصبحت جزءاً من الموروث الثقافي لهذا الشعب، وبعضها أصبح من الموروث الإنساني لما تتضمنه من إيحاءات وقابلية على التفسير كما هو الحال في أسطورة أوديب.

بطل أسطورة أهل الشمال هو الإله الذي يدعى وودن wodin بتنويعات مختلفة بحسب البلدان، وغالباً ما يستخدم اسم أودين المشتق من كلمة Óðinn الاسكندنافية وهو الأكثر شيوعاً في معظم دول أوروبا. وغالباً ما يمثّل أودين هذا على شكل رجل كهل ذي لحية وأعور. يتنقل على ظهر حصان له ثمانية أرجل. ويحمل رمحاً لا شيء يوقفه ولا يخطئ هدفه أبداً ويعود إلى من أطلقه. وفي قصره يرافقه غرابان أولهما مسؤول عن الفكر والثاني عن الذاكرة، ويهمسان بأذنه عن كل ما رأياه في العوالم التسعة. ويصطحبه في قصره ذئبان جاثيان عند قدميه. ولعرشه أن يمكّنه من رؤية كل ما يوجد في العوالم التسعة. وهو يملك خاتماً يصبح تسعة خواتم كل تسعة أيام، رمزاً للغنى الذي لا ينضب.


دور الإله أودين معقد ومتداخل في أشياء كثيرة. فهو يرافق أرواح الموتى، وهو سيّد الشعراء. وبدون أن يكون الإله المباشر للحرب فهو رب الانتصار مانحاً أتباعه فرص النجاح والمهارة في الإيقاع بخصومهم والذكاء في التخطيط لمعاركهم أكثر من منحه إياهم القوة والشدة. وهو إله حكيم وشجاع وكريم ولكن يخشى جانبه فهو قد يكون مراوغاً وقاسياً.

أودين وأخواه أثناء خلق الأرض
ودوره الأكبر هو في خلق الكون، فقد تعاون وأخواه على قتل العملاق إيمير. ومن جثة هذا ودمه خلقوا الكون، فقد كان هذا كل ما لديهم من مواد أولية. فخلقوا الأرض أولاً ثم البشر. ومن دم إيمير خلقت المحيطات، ومن عظامه رفعت الجبال والهضاب ومن أسنانه المنحدرات والجروف، ومن شعره النبات، ومن بقايا دماغه صنعت الغيوم. ومن جمجمته السماء أو جنة العلا.  وبعد خلق هذا العالم كان بحاجة إلى النور. فذهب أودين وأخواه إلى عالم النار فالتقطوا بعض الشعل وقذفوا بها في الفضاء لخلق النجوم، وكان أشدها شعلة الشمس ثم شعلة القمر، وخصصت عربة لكل منهما لجعلهما ينيران الأرض.


أما عن خلق الإنسان فقد فعل ذلك أودين وأخواه بدءاً من شجيرتين، إحداهما خلق منها الرجل ومن الأخرى خلقت الأنثى، ومنحا الحياة والروح والمعرفة والحواس الخمس وجعلوا الأرض لهما مقراً. أما المخلوقات الأخرى فقد ظهرت من بقايا إيمير أثناء انشغال أودين وأخواه في خلق الكون والبشر. ولكن هذا لم يمنع أودين وأخوته من التدخل في تشكيل تلك المخلوقات بحيث تكون مقبولة وذات صحة جيدة وقادرة على الاستمرار في الحياة على سطح الأرض ما عدا الأقزام الذين أصبح مقرهم في أسفل الأرض، وليس لهؤلاء أن يخرجوا إلى سطح الأرض إلا في الليالي المظلمة التي يغيب فيها القمر وإلا فإن نور الشمس أو القمر سيجعلهم يتحجرون.

تروى هذه الأسطورة بتفاصيل مختلفة بحسب البلد، ولكن قوامها الأساسي يدور حول ما جاء سابقاً. كما أن صيغتها تختلف بحسب الفترة الزمنية. ويقول البعض أن في أصولها أشياء جاءت من الهند قبل أن تستقر لدى الاسكندنافيين ومن ثم الجرمانيين، وأن الفايكنغ هم من أضافوا الحصان بأقدامه الثمانية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق