بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 يناير 2016

الكيمياء والخيمياء



 Afficher l'image d'origine
الكيمياءُ عِلْمٌ تُدرسُ فيه العناصرُ الكيماويَّة وطُرق اتِّحادها معاً لِتُكوِّنَ مُرَكَّباتٍ كيماويَّة. هنالك قرابة المئة من العناصر الكيماويَّة المتواجدة في الطبيعة وأكثر من 10 ملايين مُرَكَّبٍ كيماويٍّ معروف. يُمكِنُ اعتبار عُمَّال العَصْر البرونزيِّ الذين توصَّلوا إلى تحويل خامات النُّحاس الحَجَريَّة المُعَدَّنة من الأرض إلى فلِزٍّ مفيد، منذُ 5000 سنة، من الكيميائيِّين الأوائل. وبعد ذلك بحوالى 1500 سنة، حاول الخيميائيُّون الإغريق والمصريّون والهنود تحويل الفِلزَّات الخَسيسَة، كالرَّصاص، إلى ذَهَب. ورُغمَ أنَّ محاولاتهم لم تَنْجَحْ في استِصْناع الذَّهَب، فإنَّ التِّقاناتِ التي استخدموها كانت أساساً للبحوث الكيميائيَّة المُعاصِرَة. ومُنذئذٍ أخذ العلماءُ يدرسون سلوك المَوادّ، فطَوَّروا جميعةً ضخمةً من الموادِّ التي لا غِنًى عنها في التِّقاناتِ المُعاصِرة.
أما الخيمياء فيعود تاريخها إلى مجموعةٍ من المفاهيم والأفكار التي تكوَّنتْ لدى الفلاسِفة والسَّحَرة والمُنَجِّمين منذ عِدَّةِ آلافٍ من السِّنين. أقدمُ الكِتاباتِ حول الخيمياء مَصْدَرُها مِصر (منذ 1500 ق.م) والصِّين (600 ق.م) واليُونان (500 ق.م). ويظهَرُ من بعضها أنَّ كلمةَ خِيمياء هي من العربيَّة "الكيمياء" – والعربيَّة من أصلٍ قديم تَعْني "الفنّ المصريّ".
الخيميائيُّون القدماء كما الكيميائيُّون المُعاصرون، ركَّزوا اهتماماتِهم وقضَوا معظم أوقاتهم في محاولاتٍ لتحويل مادَّةٍ إلى مادَّةٍ أخرى. لكِنَّهم خِلافاً للكيمائيِّين المُعاصرين، لم يقوموا بإجراء اختباراتٍ علميَّةٍ لاكتشاف كيف ولماذا تَحْدُثُ تلك التغَيُّرات. فعلى مدى عدَّةِ قرونٍ، اقتصرت أنشطتهم على إحماء وتقليب مَزيجاتِهم الغريبة وتلاوة تعاويذهم وتمائمهم السِّحْريَّة. ورُغْمَ أنَّهم لم يكتشفوا طريقةً لتحويل الفِلزَّاتِ الخَسيسَةِ إلى ذَهَب، فإنَّ الخيميائيِّين انتَبطوا كثيراً من الأدوات المِخبريَّة المفيدة وطَوَّروا تِقْنيَّاتٍ لتحضير المَحاليل ولِفَصْلِ المَزيجات بطرائق التَّرْشيح والتَّقْطير.
النظريَّاتُ الخيميائيَّة
كانت نظريَّةُ العناصر الأربعة إحدى النَّظريَّاتِ الخيميائيَّة الرئيسيَّة. وكان قِوامُها أنَّ جميع الموادِّ تتألَّفُ من مَزيجاتٍ مختلفةٍ من عناصر أربعةٍ فقط: هي الهواءُ والتُّرابُ والنَّارُ والماء. وأنَّ كُلَّ عُنْصرٍ يتألَّفُ من زوجٍ من خصائص أربعٍ هي: بارِدٌ وجافٌّ وحارٌّ ورَطْب. فالنَّارُ هي اتِّحادٌ من حارٍّ وجافٍّ، والترابُ جافٌّ وبارِدٌ، والهواءُ حارٌّ ورَطْب، والماءُ رَطْبٌ وبارِد. وكان الخيميائيُّون يُعلِّلون عمليَّةً كالغَلَيانِ بقولهم إنَّ الحرارةَ تطرُدُ الباردَ من الماءِ الرَّطْبِ البارد، مثلاً، لتُكَوِّنَ الهواء الرَّطْبَ الحارَّ أي البُخار.

بِداياتُ الكيمياء
مُنذُ حوالى 200 سنة بَدأتِ الكيمياء المعاصرة تتطوَّرُ من الدِّراساتِ والأبحاثِ القديمةِ التي أنْجَزها الخيميائِيُّون خلال الـ 2000 سنة السَّابقة.
الصِّناعاتُ الكيماويَّةُ تُوَفِّرُ لنا الخَرسَانةَ والفلِزَّاتِ واللَّدائنَ لإنشاء المباني والآليَّات والمَرْكبات، وكذلك الوُقُدَ، للنَّقْل والتَّدْفئة؛ والألياف الصُّنْعيَّةَ، للمَلابس؛ والأسمدة ومُبيدات الآفات لتحسين إنتاج المحاصيل الغِذائيَّة.
المَعارفُ الكيماويَّة تُمكِّنُنا من إنتاج السِّليكون العالي النَّقاوة المُستَخْدم في الحواسيب والمُعالِجات الصُّغْريَّة. والكيمياءُ الحيَويَّةُ تساعدنا في تفَهُّم العمليَّاتِ التي تجري في الكائنات الحيَّة؛ والكيمياء الصَّيدلانيَّةُ تُوَفِّرُ لنا الأدوية والعَقاقيرَ لِمُعالجةِ الأمراض، التي كان الكثير منها، في ما مَضَى، عَصيًّا على العِلاج.


من الموسوعة العلمية بتصرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق