بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 أغسطس 2016

النوم عند الكائنات

يسمح النوم بإراحة الجسم وتوقف النشاط الذهني الواعي. ويقدم راحة كبيرة للدماغ مع المحافظة طبعاً على الوظائف العصبية الأساسية. وهو يتكرر كل 24 ساعة. وعدم النوم لفترة طويلة يسبب خللاً في بعض الوظائف التي ستعود إلى عملها من جديد مع النوم مجدداً.
 
والبنية المسؤولة عن تنظيم
النوم والاستيقاظ موجودة في قاعدة الدماغ فيما يسمى بالجذع الدماغي. ويسمح التخطيط الدماغي برؤية النشاط الكهربائي للقشرة الدماغية أثناء النوم، حيث تظهر آثار الإيقاعات المختلفة المرافقة لمراحل سلوكية دقيقة خاصة بالنوم الذي يتصف بكونه نشاطاً متكرراً للقشرة الدماغية على فترات. مدة كل فترة منها بين 90 دقيقة و120 دقيقة، تتكرر أربع أو خمس مرات أثناء مدة النوم الإجمالية أو أكثر في حالة الصغار، تتخللها لحظات استيقاظ خفيفة. وتنقسم كل فترة إلى مرحلتين: مرحلة نوم الأمواج البطيئة ومرحلة النوم النشط.


ونوم الأمواج البطيئة هو المرحلة بين بدء النوم والنوم النشط حيث تظهر أمواج بترددات منخفضة ومطالات كبيرة. وهو نوم يدوم قرابة ثلاثة أرباع الفترة الواحدة من النوم، وهو نوم مريح. تظهر في آخره أمواج كبيرة إشارة إلى تباطؤ نشاط القشرة الدماغية والنوم العميق. ومن صفاته انخفاض استهلاك الطاقة والحفاظ على بعض الحيوية العضلية، وانخفاض في درجة حرارة الجسم، وانتظام في دقات القلب والتنفس مع بعض البطء. وهو يمثل فترة استراحة للجسد واستعادة لبعض القدرة.


أما "النوم النشط" فيسمى كذلك لأن خلاله تحدث أشياء كثيرة تماثل حالة الاستيقاظ، دون أن يكون ذلك استيقاظاً بل هو نوم نشط دماغياً. ويظهر تسجيل الأمواج الكهربائية خلاله أمواج سريعة بمطالات صغيرة، وتكثر خلاله الأحلام ويكون إيقاظ النائم فيها هو الأصعب، وإن كانت هذه الفترة تنتهي بشبه استيقاظ وجيز جداً. ومدة هذا النوم هي نحو ربع من فترة النوم الواحدة لدى الكبار وتصل إلى النصف لدى صغار الأطفال. ومع هذا النوم تترافق حركات سريعة للعينين (لذا تسمى هذه المرحلة من النوم بالإنكليزية بمرحلة حركة العينين السريعة rapid eye movement ، كما يسمى بالفرنسية بالنوم المتناقض للإشارة إلى تنافض النشاط مع النوم sommeil paradoxal)، وتتراخى العضلات ويزيد فيها استهلاك الطاقة (الأوكسجين والغلوكوز)، ولا تنتظم فيها دقات القلب ولا التنفس الذي يتوقف أحياناً، وتبدأ درجة الحرارة بالارتفاع لتصل إلى قيمتها الطبيعية تمهيداً للاستيقاظ الكامل أو المؤقت. وهذه المرحلة تعقب دائماً النوم العميق في مرحلة نوم الأمواج البطيئة. ولا يزال دور هذا النوم غير معروف تماماً وإن كان البعض يذهب إلى القول بأنه يساعد في عملية التعلم والتذكر واستكمال النمو الدماغي لدى صغار الأطفال. ومدة هذا النوم تتناقص مع التقدم في العمر.


بقي أن نقول إن فترات النوم موجودة لدى الثدييات كلها على الأقل، وتنقسم كل فترة إلى مرحلتين. ومدة إجمالي النوم تختلف لدى الكائنات، فمن أقل المدد هي لدى البقر التي تبلغ قرابة أربع ساعات وأطولها لدى القردة التي تنام على الأقل 18 ساعة بين نوم الأمواج البطيئة والنوم النشط!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق