بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 أغسطس 2016

المضادات الحيوية ... الاقتراب من نهاية الطريق!

نشرت المنظمة العالمية للصحة منذ فترة تقريراً عن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية وأن هذا الخطر هو في طريقه إلى أن يصبح حقيقة. أي أن المضادات الحيوية سيضعف تأثيرها في مقاومة البكتيريا مما يهدد البشرية بالعودة إلى ما قبل استعمال هذه المضادات التي أثر وجودها في إطالة العمر التقديري للإنسان عند الولادة بما لا يقل عن 20 سنة. وذكر التقرير أن 25 ألف أوروبي يموتون سنوياً بسبب عدوى مصدرها بكتيريات مقاومة للمضادات الحيوية وأن كلفة ذلك تقارب 1.5 مليار يورو سنوياً.


وفي الواقع فقد كان مكتشف البنسيلين (أول المضادات الحيوية التي استعملت منذ خمس وسبعين سنة (عام 1941))، ألكسندر فليمنغ قد نبّه في عام 1945 في خطاب استلامه جائزة نوبل للطب (عن اكتشافه للبنسلين عام 1928) عندما قال: "ليس من الصعب جعل الميكروبات مقاومة للبنسيلين ... في تعريضها لتركيز من المضادات غير كاف لقتلها". فمعالجة شخص مصاب بالتهاب صدري بجرعة غير كافية من البنسيلين، سيجعل من البكتريا التي تنتقل إلى الأشخاص المجاورين أكثر مقاومة للبنسيلين الذي ستكون فعاليته أضعف لدى هؤلاء. ومنه الحكمة الطبية التي تقول أنه "إذا استعملت البنسيلين فاستعمله بكمية كافية". 


ولا يقتصر استخدام المضادات الحيوية على مقاومة البكتيريا في حالة الأمراض الوافدة وإنما أيضاً في معالجة أمراض تتطلب إضعاف مناعة الإنسان مثل معالجة السرطان أو زرع أعضاء مثل الكلية أو القلب، حيث تقود المضادات بدور الوقاية إزاء حالة إضعاف المناعة. كما أنها تستخدم في العمليات الجراحية العادية لمقاومة البكتيريا التي يمكن أن تتسرب إلى المريض عبر وسائط متنوعة. ففي حالة عملية جراحية لتركيب مكون صناعي في الورك مثلاً تقدر دوائر الخدمات الطبية في بريطانياً أن مريضاً من أصل ستة مرضى سيواجه الموت أثناء مثل هذه العملية في حال عدم استخدام المضادات الحيوية


صورة توضيحية للفيورسات الملتهمة للبكتيريا
هذا كله يطرح سؤال: وماذا بعد؟ هل سنعود إلى ما كنا عليه في مطلع القرن العشرين؟ بعض الباحثين يقولون بأن علينا أن نقوم بتحفيز الجهاز المناعي على أن يقوم بعمله كبديل. وبعض الآخرين يقولون بأن علينا أن نتعرف أكثر على البكتيريا لنتعلم كيفية نزع ضررها وليس قتلها. وهناك من يقول أيضاً بالعودة إلى نظام الفيروسات الملتهمة الذي كان سائداً قبل اكتشاف المضادات الحيوية، التي تقوم بالتهام البكتيريا. وهو ما خصص الاتحاد الأوروبي لدراسته مشروع بحث بكامله قد يحمل جزءاً كبيراً من الحل لهذه المسألة.


بقي أن نقول إن المضادات الحيوية هي مركب للتخلص من البكتريا بالقضاء عليها أو إضعافها وإيقاف نموها وتكاثرها. وهو من أصل طبيعي، ولكن المستخدم حالياً هو من أصل كيميائي مركب مخبرياً. وكان من الأفضل أن تسمى مضاد البكتيريا، ولكن هكذا كان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق