بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 أغسطس 2016

قواعد اللغة العربية - الكفاف > أَمَا- أَمّا

أَمَا
     تأتي [أَمَا] على وجهين:
     الأول: حرف استفتاح، تُكسَر بعدها همزة [إِنَّ]، نحو: [أمَا إنه ليجتهد] وتكثر قبل القسم [أمَا - والله - إنه لصادق].
     الثاني: حرف عَرْض، فلا يكون بعدها إلاّ الفعل، نحو: [أمَا تقوم - أمَا تقعد]، وذلك إذا عرضت عليه فعل القيام والقعود لترى أيفعلهما، أوْ لا.
  -------------------------------------------

أَمّا
     حرف شرطٍ وتوكيد، نحو: [أمّا سعيدٌ فمجتهدٌ]. وقد تفيد التفصيل نحو: [الطلاّب صنوف، فأمّا المجتهد فناجح، وأمّا اللاهي فمخفق، وأمّا...] (1)، وتلزم الفاءُ جوابَها أبداً.
  ¨  حُكْم:
     لا يفصِل بين [أمّا] وفائها، إلا اسمٌ، نحو: [أمّا سعيدٌ فمنطلق](2)، أو شرط نحو: [أمّا إنْ كنت مسافراً فعناية الله تَحُوطُك](3).
 *        *        *
 نماذج فصيحة من استعمال [أمّا]
   ·   ]سأُنبِّئُك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً. أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر... وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنَيْن... وأمّا الجِدارُ فكان لغُلامَيْن... [
(الكهف 18/78-82)
     الآيات نموذجٌ جليٌّ للتفصيل والتكرار.
   ·   ]فأمّا الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيُدخِلهمْ في رحمةٍ منه وفضل[
(النساء 4/175)
     الآية نموذج لترك التفصيل والتكرار، استغناءً بذكر أحد القسمين. ولولا هذا الاستغناء لَتُوبِع الكلام فقيل مثلاً: [وأما الذين كفروا فسيُفعَل بهم كذا وكذا...]
   ·   ]فأمّا إنْ كان من المقرَّبين فَرَوْحٌ وريحانٌ وجنَّةُ نعيم. وأمّا إنْ كان من أصحاب اليمين فسلامٌ لكَ من أصحاب اليمين. وأمّا إنْ كان من المكذّبين الضّالِّين فنُزُلٌ من حميم[
(الواقعة 56/89-93)
     في هذه الآيات مسائل:
     الأولى: ما فيها من التفصيل والتكرار: [أمّا... وأمّا... وأمّا...].
     والثانية: أنّنا ذكرنا في أثناء البحث أنّ الأسماء هي التي تفصل بين أمّا وفائها، وأمّا الأفعال فلا تفصل بينهما، إلاّ أن يكون ذلك فعلَ شرط، كما ترى في الآيات الثلاث، إذْ جاء في كلٍّ منها أداة الشرط [إنْ] وبعدها فعل شرط هو [كان].
     والثالثة: أنّ في كلّ من الآيات الثلاث، أداتين شرطيّتين هما: [أمّا] و[إنْ] وجوابَ شرط واحداً. وتختلف كتب الصناعة هاهنا، ففريق يجعل الجواب لـ [أمّا]، وجواب [إن] محذوف. وآخر يجعله لـ [إنْ]، وجواب [أمّا] محذوف. وفريق ثالث يقول: الجواب لهما معاً. والأكثرون على أنه جواب [أمّا]، وأنّ جواب [إنْ] محذوف.
   ·   ]فأمّا الذين اسودّتْ وجوهُهُمْ أَكَفَرتُمْ بعدَ إيمانكم[ (آل عمران 3/106)
     الإجماع منعقدٌ على أنّ [أمّا] تحتاج إلى جواب، وأن الفاء تلزمه أبداً. وليس في الآية جواب ولا فيها فاء، كما يبدو في الظاهر. وسبب ذلك أنّ في الآية حذفاً، إذ الأصل: [فأما الذين... فيقال لهم: أَكفرتم بعدَ إيمانكم؟]. وحذفُ فعل القول في التنْزيل العزيز كثير، منه أيضاً:
   ·   ]وأمّا الذين كفروا أَفَلَم تكن آياتي تُتلى عليكم؟[ (الجاثية 45/31)
     فهاهنا حذفٌ، إذ الأصل: وأمّا الذين... فيقال لهم: أَفَلَم تكن آياتي تُتلى عليكم؟
   ·   ]فأمّا اليتيمَ فلا تقهر[ (الضحى 93/9)
     من المقرر أنّ الأسماء هي التي تفصل بين [أمّا] وفائها. وأمّا الأفعال فلا تفصل بينهما، إلاّ أن يكون ذلك فعلَ شرط. وقد ذكرنا في الحاشية من البحث أنّ إعراب هذه الأسماء يكون على حسب موقعها من العبارة، وأن إعرابها يسهل إذا تغافلتَ عن [أمّا والفاء]. وبناءً على ذلك تُعرَب كلمة [اليتيم] مفعولاً به مقدّماً على فعلِه: [تقهر]، فكأنما قيل: [لا تقهر اليتيمَ].
   ·   ]أمّا السفينة فكانت لمساكين[ (الكهف 18/79)
     [السفينة]: مبتدأ خبره جملة [كانت لمساكين]. ويتبيّن لك الوجه في هذا الإعراب، إذا تغافلتَ عن [أمّا] وفائها، مسترشداً بقولنا: تغافلْ عن [أمّا وفائها] وأَعربْ تصب إن شاء الله. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق