بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 أغسطس 2015

الحاجة أُمُّ الاختراع أم العكس هو الصحيح؟



أولى مصانع الغزل
هناك مقولات تدعي بأن التطور التقاني سببه الحاجة، لذا قيل: "الحاجة أم الاختراع". بمعنى أن المجتمعات تخترع ما تحتاجه أو تطور مخترعات لتناسب حاجاتها، وأن المجتمعات تعتمد التقانات التي تتناسب وقيمها المجتمعية. والواقع أن قلة فقط من المخترعات تتوافق وهذا القول. من بين ذلك على سبيل المثال كان اختراع آلة حلج القطن عام 1794 بقصد الاستغناء عن الحلج اليدوي الذي كان يستغرق وقتاً وجهداً كبيرين في ولايات الجنوب الأمريكي. وأيضاً آلة جيمس وات البخارية التي استخدمت في ضخ المياه في مناجم الفحم البريطانية عام 1769.

أديسون وفونغرافه
ولكن الواقع يقول إن الكثير من المخترعات كانت استجابة لفضول مخترعيها أو حب التحسين مع غياب كامل لصاحب حاجة يطالب بهذه المخترعات. وفي كثير من الأحيان لا تظهر الحاجة واضحة للمخترعين ولمستعملي هذه المخترعات إلا بعد فترة طويلة من اكتشافها. ومن أمثلة ذلك المثيرة الطيران الذي لم يكن موجهاً في البداية ليكون أداة سفر. ومثل ذلك السيارة أيضاً والمصباح الكهربائي والترانزستور، الذي لم يكن يقدر له حين اختراعه أن يكون الخلية الأولى في تقانة الاتصالات والمعلومات الحالية. أما الفونوغراف الذي اخترعه أديسون عام 1877، فكان يعدد استعمالاته قائلاً: لتسجيل الكلمة الأخيرة للمحتضرين. وتسجيل الكتب للمكفوفين لسماعها. واستعمالات أخرى كان آخرها تسجيل الموسيقى. ومرت فترة ظن بعدها أديسون أن لا قيمة تجارية لمخترعه. وبعد عدة سنوات عاد أديسون ليروج لاختراعه كآلة إملاء مكتبية. وعندما استعمله البعض لسماع الموسيقى الشعبية مقابل قطعة نقدية ترمى في آلة خاصة بذلك عارض أديسون هذا الاستخدام ولم يقبل باستعمال اختراعه لسماع الموسيقى إلا بعد عشرين عاماً.
أول نموذج تجاري للتلفزيون

وبعض المخترعات الأخرى لم تلق قبولاً في بداياتها لصعوبة استخدامها. فقد كانت النماذج الأولى للتلفاز وآلة التصوير وآلة الكتابة مثلاً صعبة الاستخدام ولم تستخدم إلا بعد سنوات من اختراعها. ولكن الكثير من المخترعات لم تجد طريقاً للاستخدام أبداً ويكفي للاستدلال على ذلك معرفة أن عدد براءات الاختراع التي كانت تسجل في تسعينيات القرن العشرين بلغ وسطياً 77 ألفاً في كل عام ولم يصل منها إلى الإنتاج إلا العدد اليسير جداً.
الاختراع والتطوير والتجديد والابداع، هي التي تخلق الحاجة اليوم. ولكن لا يجب أن يفهم من ذلك أطبعاً ن هذه الحاجات هي حاجات مزيفة، فالعكس هو الصحيح في الأغلب. فالمفيد هو الأبقى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق