بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

إمبراطور اليابان... إمبراطور الأباطرة



لوحة تمثل الإمبراطور جيمو المؤسس

هذا ليس بالأمر الغريب، فالإمبراطور أكيهيتو هو الإمبراطور رقم 125 في سلالة أباطرة اليابان التي بدأها الإمبراطور المؤسس جيمو Jimmu الذي حكم اليابان في القرن السابع قبل الميلاد (660 قبل الميلاد) باعتباره سليلاً لإله الشمس اليابانية أماتيراسو بفارق خمسة أجيال فقط. ومن يومها كان على كل من سيصبح إمبراطوراً لليابان أن يعود نسبه إلى الإمبراطور جيمو. من الصعب طبعاً التحقق من ذلك على مدى 26 قرناً، ولكن كل الدلائل تشير إلى أن أباطرة اليابان يتتابعون في السلالة على مدى الخمسة عشر قرناً الماضية. فالعائلة الحاكمة حالياً تعود بالتأكيد إلى الإمبراطور كيتي (507-531)، وهو على الأغلب مؤسس سلالة جديدة أكثر منه وريث لأباطرة سبقوه.

كان اللقب الذي يطلق على الإمبراطور حتى القرن السابع الميلادي هو "الملك الكبير قائد البلاد تحت السماء". وأخذ أسماء متعددة من بينها ما هو ديني، ولكنه عرف باسم "الباب العالي" في إحدى الفترات. والاسم الذي يطلق عليه في أيامنا له معنى "الإمبراطوري السماوي". وينادى الإمبراطور أثناء حكمه بـ "جلالة الإمبراطور" أو "الجلالة الحاضرة". أما الإمبراطور المتوفى فيعطى اسماً آخر من الحقبة التي يعيش فيها. فالإمبراطور الحالي أكيهيتو سيكون اسمه بعد وفاته "الإمبراطور هيزي"، وحقبة هيزي تعني "حقبة استتباب السلام" التي بدأت في اليابان في السابع من كانون الثاني عام 1989 يوم اعتلاء أكيهيتو العرش.

الإمبراطور أكيهيتو وزوجته وولي العهد ناروهيتو
وبحسب دستور عام 1868 في أيام الإمبراطور ميجي، أصبح الإمبراطور قائداً أعلى للبحرية والجيش وأصبحت الشنتوية الدين الرسمي لليابان، وانتهت بذلك الفترة الإقطاعية وأصبح الشعب خاضعاً للقانوني الإمبراطوري مباشرة، وأقيم نظام تمثيلي، ومجلس "آباء للبلد" مؤلف من أعضاء كانوا أصحاب مناصب ساندت الإصلاح. كان لهذا المجلس تأثير هام أيام الإمبراطور ميجي الذي قاد التغير في البلاد. ولكن سوء صحة وريثه دفعت بقادة الجيش إلى الإمساك بالسلطة، إلا أن الأمر عاد إلى نصابه في عام 1937. ولكن هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية جعلت الأمريكان المنتصرين يفرضون دستوراً جديداً في عام 1946 يتحول فيه الإمبراطور إلى رمز للدولة ووحدة الشعب الياباني، وأصبح الحكم بإدارة رئيس الوزراء المنتخب، أما الإمبراطور فدوره بروتوكولي محض. 

ومن بين أباطرة اليابان كان هناك ثمان إمبراطورات، ولكن دستور 1868 حرم النساء من هذه الإمكانية، وهذا ما أصر عليه الدستور الجديد. ولكن في عام 2001 رزق ولي العهد نارهيتو بالأميرة أيكو وكان له من العمر 41 عاماً حيث بدأ الأمل يتضاءل بإنجابه لصبي أمير، فشكلت لجنة للنظر في ذلك اقترحت بأن يغير الدستور لتتمكن المرأة من تولي العرش، ولكن ولي العهد ناهوريتو رزق في عام 2006 بمولوده هيزاهيتو ليؤجل مشروع تغير الدستور إلى فترة لاحقة.
الإمبراطور يوجه كلمة للشعب في مطلع عام 2016 وخلفه كرسيه بزهرة الإقحوان خاتم الإمبراطورية

بقي أن نقول إن إمبراطور اليابان كان يعامل تاريخياًعلى أنه إنسان إله، ليس للعامة الاقتراب منه أو حتى سماع صوته أو مشاهدته ينتهي حكمه بوفاته. أما الإمبراطور الحالي فقد أعرب بشكل غير مباشر في الثامن من آب لهذا العام (2016)عن رغبته بالتخلي عن العرش لابنه نظراً لمرضه المتكرر الذي يعيقه عن القيام بدوره البروتوكولي، وبذلك سيكون أول إمبراطور في التاريخ الياباني يتنازل عن العرش وهو على قيد الحياة، ولكن الدستور الحالي لا يسمح بذلك... إلا أن رئيس الوزراء وعده خيراً.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق