بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 سبتمبر 2017

أبو رغال وعرقوب والملك الغادر

ثلاث شخصيات في المحكي العربي، قد تكون حقيقية أو لا أو قد تشتمل على شيء من الحقيقة ولكن أضيف إليها ربما ما يفيد الغرض منها ومن قيمتها المعنوية والأخلاقية.
الفنان عبد الصبور طرون

أما أبو رغال اليمني فحكايته أنه باع نفسه لأعداء قومه، فآذى قومه بما فعل وأصبح رمزاً وكناية عن الخيانة، خيانة أهله الذي كان حرياً به أن يدافع عنهم. وفيما قيل عنه أنه قاد إبرهة الحبشي في طريقه لاحتلال مكة في حين رفض أهلوه فعل ذلك. وهو فعل ذلك مقابل أمر رغب به أجراً لمساعدته لإبرهة. ولكن القصة تنتهي كما هو معروف باندثار جيش إبرهة ومقتل أبي رغال. وذهب إبرهة وجيشه وكذلك أبو رغال ولكن اسمه بقي رمزاً للوشاية والخيانة.

أما عرقوب فكان رجلاً من أهل الحجاز طلب منه أخوه يوماً شيئاً . فوعده عرقوب بالمساعدة وبأن نخلة داره ستكون له إذا اطلعت. فلما أخرجت طلعها أتاه فقال له : دعها حتى تصير بلحاً . فلما أبلحت أتاه فقال له : دعها حتى تصير زهواً . فلما أزهت قال له : دعها حتى تصير "رُطباً ". فلما أرطبت قال له : دعها حتى تصير تمراً. فلما أتمرت جذّها عرقوب في الليل قبل أن يأتي أخوه في الصباح . فلما جاء أخوه في اليوم التالي لم يجد شيئاً. و لهذا قالوا فيه: "أمطل من عرقوب" أي مثلاً للمماطلة وعدم الوفاء، وللعرب قول بأن "وعد الحر دين"، وهو خالف ذلك واستحق سوء الذكر. ذكره زهير بن أبي سلمى في قصيدته: الشهيرة:
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
.
.
.
وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت
إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ
كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً
وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ*

أما الملك الغادر فهي قصة أحد ملوك الحيرة الذي طلب من سنمّار أن يبني لها قصراً. وكان سنمّار هذا مهندساً بارعاً فبنى قصراً رائعاً كان أحد عجائب زمانه. ولكن الملك الطاغية خشي أن يبني سنمّار قصراً أجمل من قصره لملك آخر. فما كان من الملك أثناء تجواله في القصر برفقة سنمّار إلا أن أمر جنوده بدفعه من سطح القصر ليسقط سنمّار صريعاً. وذهبت تلك القصة مثلاً عن الغدر بمن استحق المكافآة والثواب، وأصبح "جزاء سنمّار" مثلاً.


وإنما هذه كلها كنايات عن قيم سادت في الجزيرة العربية في الفترة السابقة تماماً لظهور الإسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق