بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 سبتمبر 2017

سايكس-بيكو كما روتها "الإيكونومست"

فيما يلي ترجمة لمقال نشر عام 2016 في مجلة الإيكونومست البريطانية الأسبوعية الشهيرة (قرابة 1.5 نسخة مطبوعة وإلكترونية). يسرد المقال باختصار اتفاقية سايكس بيكو وتطوراتها وأهم تدخلات الغرب في الشرق الاوسط كما تراها المجلة:

تشبه الحدود المعاصرة للعالم العربي إلى حد ما الخطوط التي رسمها بالأزرق والأحمر كل من المندوب البريطاني السير مارك سايكس والمندوب الفرنسي فرانسو جورج بيكو على خارطة المشرق عام 1916، وذلك في أصعب أوقات الحرب العالميةالأولى، اللذان قررا تقاسم أراضي الإمبراطورية العثمانية التي دخلت الحرب إلى جانب ألمانيا ودول المركز. شارك في ذلك أيضاً بطريقة ما وزير الدفاع الروسي سيرغي سازونوف. كانت الحرب لا تسير على ما يرام في ذلك الوقت. فقد أرغم البريطانيون على الإنسحاب من غاليبولي في كانون الثاني عام 1916 كما أن قواتهم استسلمت  في كوت العمارة في ما بين النهرين في نيسان من العام نفسه.

اتفق الحلفاء على أن تحصل روسيا على مدينة اسطنبول والممرات البحرية من البحر الأسود إلى البحر المتوسط وأرمينيا، وأن يحصل البريطانيون على البصرة وجنوب ما بين النهرين، وأن تكون حصة فرنسا في الوسط بما في ذلك لبنان وسوريا وكيليكيا (الواقعة في تركيا الحالية). وستكون فلسطين منطقة دولية. وبين حصة فرنسا وإنكلترا فإن هناك مساحات كبيرة معظمها صحراوي ستكون مناطق نفوذ لتلك القوتين. وقد اضيفت إلى كل هذا مطالب إيطالية عام 1917.

ولكن بعد هزيمة العثمانيين عام 1918، فقد تغيرت هذه الحدود نتيجة الحرب والديبلوماسية. إذ تمكن الأتراك بقيادة مصطفى باشا أتاتورك من إرغام الجيوش الأجنبية على التراجع في الأناضول. أما الموصل التي كانت من نصيب فرنسا في البداية وطالبت بها تركيا فقد وضعت تالياً تحت سيطرة بريطانيا التي ضمتها إلى عراق المستقبل. أحد أسباب الصراع كان وجود النفط. وقبل الحرب العالمية جرى تقسيم العديد من المناطق العربية إلى مستعمرات أو محميات من مصر إلى المغرب والخليج العربي.

ولكن سايكس بيكو أصبحت لازمة للخيانة الإمبريالية. وقد وصفها المؤرخ العربي جورج أنطانيوس بالوثيقة المنفرة وبأنها نتاج "الطمع المحفوف بالشكوك التي قادت بذلك إلى الحماقة". كانت في الواقع إحدى ثلاثة التزامات، متباينة وغير متوافقة، قدمتها بريطانيا في أيام الحرب لفرنسا والعرب واليهود. سببت التناقضات التي نجمت عنها آلاماً مذّاك.

وفي نهاية المطاف فإن العرب الذين جُعلوا ينتظرون مملكة هاشمية كبيرة تديرها دمشق، حصلوا بدورهم على عدة دول. وحصل المسيحيون المارونيون على لبنان أكبر ولكنهم لم يتمكنوا من السيطرة عليه. أما الأكراد الذين كانوا يريدون دولة لهم فلم يفلحوا في ذلك وقسّمت منطقتهم بين أربع دول. أما اليهود فقد حصلوا على قسم من فلسطين.
فالهاشميون الذين قادوا ثورة عربية ضد العثمانيين بمساعدة البريطانيين (خاصة لورنس)، طردهم الفرنسيون من سورية. وفقدوا كذلك مقرهم التاريخي في الحجاز بمدنه المقدسة مكة والمدينة، لصالح عبد العزيز بن سعود زعيم نجد الذي كانت تدعمه بريطانيا. وأسس مع المتطرفين الوهابيين السعودية العربية. استمر أحد فروع الهاشميين بالهيمنة على العراق، ولكن الملك فيصل الثاني قتل عام 1958، وتمكن فرع آخر من البقاء في مملكة صغيرة سميّت بالضفة الغربية، وهي سهل الأردن حالياً، اقتسمها البريطانيون جزئياً من فلسطين.

تأسست إسرائيل في حرب عام 1948، قاتلت وكسبت أكثر من معركة ضد العرب في أعوام 1956 و 1967 و 1973. ولكن غزوها للبنان عام 1982 انتهى بالفشل الذريع. تشتت الفلسطينيون عبر الشرق الأوسط، وقاتلوا في حرب أهلية في الأردن عام 1970 وساهموا في بدء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975. تدخلت سوريا عام 1976 ولم تترك لبنان إلا بعد انتفاضة عام 2005. وعلى مدى أكثر من عقدين من "عملية السلام" بين إسرائيل والفلسطينين بدءاً من اتفاقيات أوسلو عام 1993، فقد آلت إلى أرخبيل من المناطق المستقلة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وغزة.

توجه المغرب نحو الصحراء الغربية عندما غادرها الإسبانيون عام 1975. وفي السنة التي تلت الثورة الإيرانية عام 1979 بدأ العراقيون حرباً استمرت ثمان سنوات. وغزا العراق بعد ذلك الكويت عام 1990 الذي طرده منه تحالف قادته الولايات المتحدة.
أبقت قناة السويس واحتياطي البترول الكبير المنطقة في واجهة الجيوبولتيك زمن الحرب الباردة. تعاون الفرنسيون والبريطانيون مع الإسرائيليين في حربهم على مصر عام 1956 ولكنهم واجهوا ضغوطاً من الولايات المتحدة، التي أصبحت بسرعة القوة العظمى المهيمنة التي تصرفت باعتبارها المسلّح والحامي الرئيس لإسرائيل. وبعد خروج مصر من المعسكر السوفيتي، قامت أمريكا بالإشراف على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. تدخلت أمريكا في لبنان عان 1958 ومن جديد عام 1982. كانت السفن الأمريكية تحمي ناقلات النفط في الخليج أثناء حرب العراق وإيران، وبقيت في السعودية بعد طرد العراق من الكويت عام 1991 وذلك لمراقبة مناطق منع الطيران فوق العراق. وغزت أفغانستان بعد هجوم القاعدة على نيويورك عام 2001، ومن بعده غزت العراق عام 2003.


وبحسب رامي خوري من الجامعة الأمريكية في بيروت: "لبلاد كثيرة حدود غريبة... ومع أن سايكس-بيكو هي رمز للأذي الأكثر عمقاً في السلوك الاستعماري، فإننا هنا إزاء قرن كامل عبثت خلاله القوى الغربية بنا وتدخلت عسكرياً".

يمكن قراءة المقال على الرابط: 
https://www.economist.com/news/special-report/21698442-sykes-picot-carve-up-led-century-turbulence-unintended-consequences

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق