بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 18 أغسطس 2016

قواعد اللغة العربية - الكفاف > ‎ التعجب

التعجّب
     التعجب هو استعظامُ فِعْلِ فاعِل، وله صيغتان قياسيتان هما: [ما أَفْعَلَهُ] و[أَفْعِلْ بِه](1). مثال استعمالهما قولك في التعجب من حُسن الربيع: [ما أَجْمَلَ الربيعَ] و[أَجْمِلْ بالربيع]. فإذا تعذّر صوغ هاتين الصيغتين أمكن التوصل إلى التعجب بأن يُؤتىبمصدرٍ، بعد [أَكْثَر] أو [أَعْظَم] ونحوهما. فيقال مثلاً: [ما أَعْظَمَ إنسانيّةَ زهير، وأَعْظِمْ بإنسانيته]، و[ما أَكْرَمَ استقبالَه، وأَكْرِم باستقباله].
     أحكام:
                ¨  لا تَعَجُّبَ إلا من معرفة، وأما النكرة فلا يتعجب منها، فلا يقال مثلاً: ما أجمل ربيعاً، ولكن إذا تخصّصتْ جاز ذلك. نحو: [ما أجمل ربيعاً تَكْثُر أزهارُه].
                ¨  صيغتا التعجب هما هما، لا تغيير فيهما، ولا تقديم ولا تأخير. تقول:
     يا رجل    ويا رجلان     ويا رجال       أَجْمِلْ بالربيع
     يا امرأة    ويا امرأتان      ويا نساء        أَجْمِلْ بالربيع
                ¨  الفعل المضعّف مثل: عزّ وحبّ وشدّ وعدّ وقلّ... يُفَكّ إدغامه في صيغة [أفعِلْ به]، فيقال: أَعْزِز وأَحْبِبْ وأشدد وأعدد وأقلل...

                ¨  في صيغتي التعجب تُصَحَّح عينُ المعتلّ، نحو: [ما أطْوَلَ ليلَ المريض، وأطوِلْ به].

     تذييل:
     قد يكون التعجب من الشيء بواسطة [يا]، في تراكيب ثلاثة، لا تتغيّر ولا تتبدّل. مثالها أن تتعجّب من روعة البحر فتقول: يا بَحر، يا لَلْبحرِ، يا بَحْرا.
     وقد يستعمل العربي في تعجّبه، كلمةَ [العجَب] نفسها، فيقول:
        [يا عَجَبَا] و[يا لَلْعَجَب]. 
 *        *        *
نماذج فصيحة من استعمال التعجب
   ·   قال جميل بثينة (الديوان /179):
وتثاقلتْ لمّا رأتْ كلفي بها      أَحْبِبْ إليَّ بذاك مِن مُتَثاقِلِ
     [أَحْبِبْ]: الصيغة هذه صيغة أمر. والأمر إذا كان مبنياً على السكون - كما ترى هنا - جاز فيه وجهان: الفكّ والإدغام، أي: [أحبِب وأَحِبَّ]. لكنّ المُجمَعَ عليه، أن صيغة التعجب: [أفعِلْ به] من الفعل المضعّف نحو: [عزّ وحبّ وشدّ إلخ...] لا يجوز فيها إلا الفكّ. فيقال: [أعزِزْ وأَحبِبْ وأشْدِدْ إلخ...]. وعلى ذلك قول جميل: [أحببْ]. فالإدغام إذاً هنا ممتنع، وإن كان في غير صيغة التعجب جائزاً. ومنه قول عليّ كرم الله وجهه وقد رأى عمارَ بن ياسر - أبا اليقظان - صريعاً يوم صفين (همع الهوامع 5/61): [أَعْزِزْ عَلَيَّ - أبا اليقظان - أن أراك صريعاً مُجَدَّلاً].
   ·   وقال رضي الله عنه (نهج البلاغة - د. الصالح /277): [ما أَطْوَلَ هذا العناءَ وأبعد هذا الرجاءَ].
     [ما أطوَلَ]: هاهنا مسألة إعلالية، إذ القاعدة أن حرف العلة إذا وقع في حشو الكلمة، نُقلت حركته إلى الحرف الساكن الصحيح قبله. ولكن يستثنى من هذه القاعدة صيغتا التعجب: [ما أَفعلَه وأفعِلْ به] فلا تُعَلاّن. ولولا تصحيح الواو في قوله: [ما أطول...] لقُلبت ألفاً فقيل: ما أطال هذا العناء...!!
   ·   قال الطغرائي:
أُعَلِّل النفسَ بالآمال أَرقُبُها      ما أضيقَ العيشَ لولا فُسحةُ الأَمَلِ
     يقال هاهنا ما قيل آنفاً في قول عليّ، ولولا تصحيح الياء لقيل: ما أضاق...!!
   ·   قال امرؤ القيس (الديوان /69):
أرى أُمّ عمروٍ دمعُها قد تحدّرا     بكاءً على عمروٍ، وما كان أَصْبَرا
     [ما كان أصبرا] فيه مسألتان:
     الأولى: زيادة [كان] بين [ما] التعجبية وصيغة [أفعل]. وقد عالجنا ذلك في بحث [كان وأخواتها]، وذكرنا جوازه.
     والثانية: أن الشاعر حذف المتعجب منه وهو الضمير [ها]، إذ الأصل: [وما كان أصبرها]، وإنما حذفه لدلالة السياق عليه، وحذفُ ما يعلم جائز.
     ومنه قول عليّ كرّم الله وجهه:
جزى اللهُ قوماً قاتَلوا في لقائهم      لدى الرَّوع قوماً ما أعزّ وأكرما
     فقد حذف المتعجب منه مرتين وهو الضمير [هم]، إذ الأصل: [ما أعزهم وأكرمهم].

العودة إلى البحوث

 


1- قد يكون التعجب بواسطة [يا]، ونبين ذلك بعد قليل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق