بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 مارس 2017

المجاعات... ليست بسبب قسوة الطبيعة فقط

تعاني الكثير من دول ومناطق العالم من تهديد المجاعة، أي من نقص كبير في الموارد الغذائية التي يحتاجها سكان منطقة ما. فقد أعلنت الأمم المتحدة عن وجود قرابة 20 مليون إنسان مهددين بالمجاعة وبدأت بقرع أجراس الإنذار. ومن بين هؤلاء 7.3 يعيشون في اليمن، و6.1 في جنوب السودان (مائة ألف منهم هم حالياً في حالة مجاعة)، و5.1 مليون في نيجيريا، و2.9 في الصومال. والواقع أن الأزمة هي أكبر من ذلك، ولكن هؤلاء أخذوا في الدخول إلى منطقة الخطر. إذ تقول تقارير الأمم المتحدة نفسها إن هناك 37 دولة تحتاج إلى المساعدة في عام 2017 من بينها 28 دولة أفريقية.

وهي دول فقيرة في مواردها الطبيعية ولكن معظمها يعاني من زيادة سكانية كبيرة وبعضها الأغلب يعاني من أزمات سياسية. صحيح أن بعضها يعاني من مشاكل جفاف دورية، إلا أن لذلك دوراً ثانوياً. ففي بلاد السهل الأفريقي (السودان والتشاد والنيجر ونيجيريا ومالي وموريتانيا)، كانت محاصيل الحبوب لعام 2016 جيدة بنسبة 25% زيادة عن الوسطي بحسب منظمة التغذية العالمية، مما أدى إلى انخفاض أسعار الحبوب. ولكن دولتين من دول هذه المنطقة، هما التشاد والنيجر، عانتا من اضطرابات تجلت بظهور بوكو حرام في منطقة بحيرة تشاد مما أدى إلى هجرة الناس أو عزلهم في مناطق تخلت عنها الحكومة، الأمر الذي يقود إلى المجاعة. وفي دولة جنوب السودان، الدولة الأحدث في العالم، فإن الحرب الأهلية القائمة منذ ثلاث سنوات لم تجلب إلا الويلات للسكان. وفي تقرير حديث للأمم المتحدة اتهم حكومة جوبا (عاصمة جنوب السودان) باستخدام الموارد المحدودة للبلاد في شراء الأسلحة بدلاً من تقديم المساعدات للمحتاجين من سكان البلاد.

ولمواجهة الإنذار الحالي في اليمن وجنوب السودان ونيجيريا والصومال فإن هذا يتطلب جمع 4.4 مليار دولار قبل تموز القادم. إلا أن الدول المانحة لم تعد قادرة على مواجهة كل الأزمات القائمة حالياً في العالم، فحتى الآن لم يُجمع سوى 10% فقط من المبلغ المطلوب. ومن المبلغ المطلوب لنيجيريا لم يجمع سوى 5% فقط، وهي دولة غنية بالنفط ولكن يزدهر فيها الفساد! وبحسب تقارير الأمم المتحدة فإن قرابة 130 مليون إنسان في العالم هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية لعام 2017، بكلفة 22 مليار دولار، أي ضعف مما كان عليه الأمر في العام 2010. هذا طبعاً غير المساعدات القائمة والدائمة الخاصة بالتعليم والصحة وتأمين مياه الشرب وغير ذلك في بعض دول العالم. كل هذا يجعل الفارق بين ما تحتاجه المساعدات الإنسانية وما تقدمه الدول المانحة يزداد اتساعاً. ففي عام 2007 كانت المساعدة المطلوبة بقيمة 5 مليارات دولار، وقدمت الدول المانحة 4 مليارات دولار. ولكن في عام 2016 كانت المساعدات المطلوبة بقيمة 20 مليار والمقدمة بقيمة 11.8 مليار، وهو فارق إلى اتساع مع ازدياد الحاجة إلى المساعدات.

صحيح أن حجم المساعدات المطلوبة لعام 2017 أقل من نصف الزيادة في ميزانية الدفاع الأمريكية، والإحجام عن تقديم المساعدات المطلوبة أمر تُلام عليه دول العالم أجمع. ولكن قبل لوم دول العالم فيجب لوم الدول المحتاجة للمساعدات لتقصيرها في إدارة أمورها وأزماتها. وبحسب "أمارتيا سن" الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد فإن "المجاعة تظهر فقط في الدول التي تنعدم فيها الديموقراطية". 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق