بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 مارس 2017

الخدمة الإلزامية... الخدمة العسكرية

هي خدمة يُطلب فيها من الشباب الانضمام إلى الجيش، جيش الملك أو جيش البلاد أو الدولة، للمشاركة في المجهود الحربي حال قيام حرب. هذه الخدمة لم تُعرف في التاريخ القديم بالشكل المعروفة فيه حالياً. فقد كانت الجيوش، حتى نهاية القرن الثامن عشر، هي جيوشاً عاملة يتقاضى المشاركون فيها أجوراً أو يشاركون في اقتسام الغنائم.

أول الجيوش التي تشكلت إلزامياً كانت في أيام حمورابي في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، الذي وضع نظاماً للعمل لديه كان على المشاركين فيه أن يحاربوا في جيشه عند اللزوم، وفي أوقات السلام فكان عليهم المساهمة في أعمال أخرى في الدولة. وفي مقابل ذلك يُمنح هؤلاء أرضاً زراعية. وكان بالإمكان ترك الخدمة عن طريق استئجار شخص بديل. كما كان من الممكن بيع الأرض الممنوحة للجندي بما تتضمنه من التزامات تجاه الملك (الدولة)، ولكن وفقاً لأحكام شريعة حمورابي. كما كان للبعض أن يترك المدينة إلى بلاد أخرى تجنباً لهذه الخدمة.

وجد نوع آخر من الخدمة الإلزامية في المدن الإغريقية في الفترة الهلنستية، التي كانت تستخدمه عند اللزوم ولكنها كانت محصورة بالمواطنين فقط، الذين لم يكونوا يشكلون أكثر من عشر السكان. كما كان هناك نظام للمرتزقة المحترفين الذين كانوا يبيعون أنفسهم لمن يدفع أجراً أعلى. أما في روما فكان الأمر في البداية مقتصراً على أبناء المُلاك، ثم امتد ليشمل الجميع. ولكن الجيش الروماني لم يكن جيشاً دائماً وإنما كان يتشكل وفقاً للحاجة، ولم يصبح جيشاً دائماً إلا مع الإمبراطور أغسطس في القرن الأول الميلادي، وكان في كل الأحوال جيش متطوعين.

بعد ذلك لم يُعرف جيشٌ مؤلفٌ من جنود يؤدون خدمة إلزامية، وإنما كانت جيوش بأجر. ومع الثورة الفرنسية تشكل جيشٌ من المواطنين للدفاع عن الثورة الفرنسية ضد الحكومات الملكية الأوروبية التي لم تكن مرتاحة لهذه الثورة. كان هذا الجيش هو الجيش الأول المؤلف من مواطنين يمكن دعوتهم للمشاركة في القتال، ووصل عدد جنوده إلى 2.6 مليون جندي. وهذا ما سمح لنابوليون بغزو أوروبا بين عامي 1800 و 1813. تبعت روسيا فرنسا في تشكيل جيش من المجندين الذين كانت أعمارهم لا تقل عن 17 سنة ولا تزيد عن 35 سنة... وتبعهما في ذلك العديد من دول أوروبا.


لم تكن الخدمة إلزامية على الجميع في كل الأوقات، فغالباً ما استخدم نظام القرعة، مع إمكانية المقايضة بين من تقع عليهم القرعة من الميسورين وغير الميسورين ممن لم يتم اختيارهم. كما كانت إمكانية دفع بدل مادي متاحة دائماً أو الإعفاء بسبب عدم اللياقة البدنية أو أسباب أخرى تتغير بحسب المجتمعات. وكانت هناك دائماً إمكانية تغيير البلد أو الجنسية للتهرب من أداء الخدمة الإلزامية. بعض الدول المتقدمة أتاحت لأبنائها منذ الربع الأخير من القرن العشرين إمكانية الاعتراض على الخدمة العسكرية، التي يمكن استبدالها في هذه الحالة بخدمة مدنية، خارجية غالباً، بأجر زهيد ومدة أطول من مدة الخدمة العسكرية.

ومع التطور التقاني، واعتبارات أخرى تخص البلد وتاريخه، فقد توقفت الخدمة العسكرية الإلزامية، واستعيض عنها بجيوش مهنية. وهو حال العديد من دول العالم، حيث لم يعد للجندي المشاة المقاتل أي دور يذكر في الجهد الحربي. كما أن هناك دول لا يوجد فيها جيش أصلاً مثل أيسلندا وكوستاريكا وموناكو وغيرها... وهذا هو الحال الأفضل، فلو أنفقت ميزانيات الجيوش في التعليم والصحة لأحدثت فارقاً في التنمية ومستوى الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق