روت طبيبة الأمراض
العصبية الأمريكية ساندرا أمودت في كتاب لها بعنوان "لماذا تؤدي الحمية
الغذائية إلى السمنة"، وهو خلاصة لمراجعة كمية كبيرة من المقالات والكتب
العلمية والدراسات عن الحمية الغذائية وتوصلت إلى ثلاث نتائج يمكن التمعن فيها:
الأولى: الوزن المثالي هو ليس الوزن
الذي يختاره الفرد لنفسه وإنما هو الوزن الذي يختاره الدماغ وفقاً لعناصر وراثية
وللتجربة الحياتية؛ تماماً مثل حاجة الجسم لعدد محدد من ساعات النوم التي يحددها
الدماغ، فإن للدماغ أيضاً صورة عن وزن تقريبي للجسم يحاول جاهداً أن يحافظ عليها. إذ
يستقبل الدماغ إشارات مختلفة عن مخزون الدهون وعن نسبة السكر في الدم وعن العائد
الغذائي ويؤثر وفقاً لذلك على الشهية والاستقلاب (أي على الطاقة المستهلكة على نحو
دائم من قبل الجسم ليتمكن من أداء وظائفه) لكي يتمكن من المحافظة على وزن ثابت.
وهذا الوزن الثابت بالنسبة للدماغ هو بتقريب من مرتبة 5 كغ، ومن يمارس أنشطة
فيزيائية فسيكون من الجهة الأدنى ومن يبقى جالساً فسيكون من الجهة الأعلى، إي لمن
وزنه المرجعي هو 80 كغ، فإن الوزن المرجعي لمن يمارس نشاطاً يصبح 77.5 كغ و 82.5 كغ
لمن يبقى جالساً. ولهذا الوزن أن يزداد خلال حياة الإنسان البالغ. فمن ازداد وزنه
لفترة طويلة سيصبح الوزن الجديد هو القيمة المرجعية، لا يوجد ما
يسمى بالوزن الزائد بالنسبة للدماغ وإنما هناك وزن مرجعي جديد.
ومن المؤسف أن العكس
غير صحيح، فكل الحميات الممكنة ليس لها أن تخفّض تلك القيمة المرجعية، وهذا يؤدي
إلى نتيجة محزنة أكثر مفادها هو أنه من النادر أن يتم تخفيض الوزن بشكل دائم وأن
استرجاع الوزن المفقود لا بد منه وذلك وفقاً لكل الدراسات التي راجعتها الطبيبة الباحثة.
ولمعرفة هذا الوزن المرجعي يجب تناول الطعام عند الشعور بالجوع وبلا تخمة وذلك
لمدة ستة أشهر حيث سيستقر الوزن.
الثانية: كل الحميّات الغذائية تنتهي
بالفشل، فبحسب الدراسات المتفائلة فإن 80% ممن يفقدون بعض الوزن في السنة الأولى
سيستعيدونه في السنة الثانية، أما الدراسات المتشائمة فتؤكد أن كل ما يُفقد في
السنة الأولى يُسترجع في السنة الثانية، وجميع الدراسات تتفق على خطر أن يزداد الوزن عن الوزن قبل
الحمية وخاصة لدى النساء. وهذا ما يمكن تفسيره بسبب رد فعل الدماغ الذي يفضل
العودة إلى الطعام وتخزين فائض على سبيل المؤون خوفاً من فترة تخفيض جديدة وكذلك بسبب
تغير دائم في الاستقلاب أحدثته الحمية حينما كان الجسم يحاول خفض صرف الحريرات
وتوفير موارده والاستمرار في العمل على هذا الإيقاع من الاستقلاب عندما يعود الشخص
إلى تناول الطعام بشكل عادي حتى عودته إلى وزنه الأصلي قبل الحمية.
الثالثة: إن الطبيعة تحسن التصرف حتى
عندما يعاني الشخص من زيادة في الوزن بالرغم من أنه يأكل بشكل طبيعي فإنه لن يجني
أية فائدة من الحمية. فقد بيّنت دراسة أجريت عام 2012 على 11 ألف شخص تمت متابعتهم
خلال 14 سنة، أن هناك أربع عادات يمكن أن تسبب الموت مبكراً مهما كانت حالة البدن:
التدخين، قلة الحركة، غياب الفواكه والخضار وتناول الكحول، وأن الإقلاع عن ثلاث من
هذه العادات على الأقل يسمح للشخص البدين أن يعيش بقدر ما يعيش النحيل.
خلاصة الكتاب تقول
بأنه للحفاظ على وزن أمثلي للشخص يجب ممارسة أنشطة فيزيائية يومياً وألا نأكل إلا
عند الجوع وبلا إفراط. وهذا أمر ليس بالهيّن لأننا نعيش في مجتمعات تجري معظم أنشطتها
الاجتماعية حول الطعام والشراب دون احتساب للحريرات، ولكن ممارسة الانتباه والحذر
في تناول لأطعمة سيتحول إلى عادة قائمة وممارسة الأنشطة الفيزيائية ستساهم في
التخلص من المخزون الزائد ولا تسمح بمراكمته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق