بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 مايو 2017

الإنترنت وزعزعة الثقة بالطبيب

مع انتشار الإنترنت بكل ما تضمنه من محتوى متعاظم، يلجأ الكثيرون إلى البحث عن أجوبة طبية على عوارض يعانونها. وهذه الإجابات هي احتمالات لإصابات بمرض أو أمراض، وهذا بالطبع لا يغني عن مراجعة الطبيب الذي سيصف الدواء. ولكن الطبيب الذي يستقبل مرضى محملين باحتمالات وتصورات يجنحون أحياناً إلى الشك في تشخيص الطبيب حتى لو قدم إيضاحات لتفسير تشخيصه، وهذا الشك أكثر وضوحاً في حالات الأطفال حيث تبحث الأمهات عبر الإنترنت عن مرض أطفالهن وفقاً للعوارض التي يلاحظونها.

ففي مؤتمر في طب الأطفال نظّم في مدينة سان فرانسسكو عُرضت دراسة إحصائية شارك فيها 1400 من الآباء والأمهات. أعلم هؤلاء بحالة طفل مريض يعاني من طفح جلدي ومن حرارة متزايدة على مدى ثلاثة أيام. ثم قُسّم المشاركون في هذه الدراسة إلى ثلاث مجموعات. تلقت المجموعة الأولى عن طريق الإنترنت معلومات خاصة بأعراض الحمى القرمزية، وقدم للمجموعة الثانية معلومات عن أعراض مرض كوازاكي، وهو مرض التهاب الأوعية الدموية. أما المجموعة الثالثة فلم يقدم لها شيء لتستخدم كمجموعة مرجعية. وأُعلم المشاركون في الدراسة أن طبيب الأطفال شخّص المرض على أنه حمى قرمزية. وافق على ذلك فقط 61% من المجموعة الثانية، في حين أن 81% من المجموعة الثالثة قبلوا بالتشخيص. أما المجموعة الأولى فقد قبل 91% منهم بتشخيص الطبيب. ونتيجة لاهتزاز الثقة هذا فقد رغب 3 من 5 من المجموعة الثانية باستشارة طبيب ثان في حين أن 1 من 5 من المجموعة الأولى رغب في استشارة طبيب ثان!

وفي فرنسا أجريت دراسة عام 2014 بيّنت أن 70% من الفرنسيين يبحثون في الإنترنت عن معلومات صحيّة وكانت نسبة البحث عن أمور الأطفال الصحية 28%، وهي نسب متزايدة مما يجعل للطبيب غوغل مكاناً موازياً لطبيب العيادة. وأكثر القضايا صعوبة التي يواجهها أطباء الأطفال هي إقناع الأمهات بضرورة اللقاح في وقت معين وخاصة للأطفال الرضّع.

ولكن الأمر لا يجب أن ينظر إليه على أنه أمر مزعج، لا بل يجب مواكبة التطور بحيث يحصل الجميع على نتائج أفضل. فمثلاً يمكن تقديم المعلومات الخاصة بأمراض الأطفال عبر منتدى طبي، يمكن للأمهات بعدها الانتباه إلى مختلف الأعراض، كما يمكن طرح أسئلة وتلقي أجوبة مما يجعل الأم على دراية أكبر في توصيفها للأعراض، الأمر الذي سيساعد الطبيب على تقديم العلاج الأفضل... مثل هذه المنتديات التي يديرها مختصون ستزيد من الثقة بالطبيب بدلاً من ترك الناس يبحثون عن معلومات ليست صحيحة بالضرورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق