بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 مايو 2017

كوبرنكوس... الفلكي ورجل الدين

هو بولوني المولد لعام 1473، درس القانون واللاهوت في إيطاليا، وكان شغوفاً بالفلك، الأمر الذي دفعه لدراسة النظريات الفلكية التي كانت سائدة في مطلع القرن السادس عشر. وهذه النظريات تدور كلها حول نظرية أرسطو وبطليموس التي تقول بمركزية الأرض في الكون وأن القمر يدور حولها يليه في الدوران عطارد ثم الزهرة ثم الشمس ثم المريخ ثم المشتري ثم زحل (سبعة أجرام ومنه عدد الأيام السبعة للأسبوع المأخوذة أسماؤها من أسماء هذه الأجرام)، يأتي بعد ذلك مجموعة النجوم الثابتة التي تغلف الجميع. كانت هذه النظرية موضع احتراك رجال الدين لأنها تضع الأرض، مقر عيش الإنسان، في مركز الكون بكل ما لذلك من تبعات تتوافق والرواية الدينية عن الخلق.

لكن مطالعات كوبرنكوس وحساباته كانت تقول إن الشمس هي الثابتة وإن الأجرام الأخرى الستة، بما في ذلك الأرض، تدور حول الشمس. فقد قال كثيرون قبل كوبرنكوس بأن كتلة الشمس أكبر بكثير من كتل الأجرام الأخرى، ومن ثم فمن الحري أن تدور الأجرام الأخرى حول الشمس وليس شيئاً آخر. وأوضح كوبرنكوس أن أشكال الحركة المعقدة التي تقوم بها هذه الأجرام يمكن فهمه من خلال دوران كوكب الأرض حول محوره وحركته السنوية حول الشمس. ورتّب كوبرنكوس دوران الكواكب الستة المعروفة حينئذ حول الشمس كما هو معروف في أيامنا. ولكن مسارات الحركة التي قال بها كوبرنكوس كانت دائرية وليست بيضوية كما هو معروف اليوم، وهو أمر بيّنه الفلكي الألماني كبلر فيما بعد اعتماداً على بيانات مشاهدات تركها له أستاذه الدانيماركي تيكو براهي. وقال كوبرنكوس بوجود النجوم الثابتة التي تغلف المجموعة الشمسية، وهو أمر غير صحيح.


المهم في الأمر أن كوبرنكوس وضع كتاباً يبيّن فيه مركزية الشمس بعنوان "مسارات الكرات السماوية"، ولكنه لم ينشره إلا بعد ثلاثين سنة من كتابته! البعض يقول بأنه لم يجرؤ يومها على معارضة الاعتقاد الديني الذي كان سائداً أيامها، والبعض الآخر قال بأن سبب ذلك كان تردد كوبرنكوس نفسه في صحة اكتشافاته وهو الذي تعوّد على فكرة أن الأرض هي المركز وأنه يرى كل يوم الشمس تبزغ من الشرق، أي أنه لم يتمكن من مقاومة حواسه ومشاعره إزاء نظرية صحيحة هو واضعها... وهو رجل دين أولاً... نشر الكتاب في آخر سنة من حياته (توفي عام 1543) بتشجيع من شاب ألماني دارس للرياضيات تعرّف إلى كتاب كوبرنكوس وأعجب فيه،... وجاء في المقدمة أن غاية هذا الكتاب هو تصحيح الحسابات الفلكية وأن نظريته ليست صحيحة بالضرورة!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق