بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

كيف قاس الأقدمون محيط الأرض


أشعة الشمس العمودية على أسوان
عرف الإنسان نصف قطر الأرض ومحيطها في القرن الثالث قبل الميلاد. ومن قام بذلك كان هو الفلكي وقيّم مكتبة الاسكندرية إراتوستن Eratosthene الذي عاش بين 276 و 194 قبل الميلاد وهو من مواليد شرق ليبيا (منطقة بنغازي).

بدأت الحكاية من مطالعاته في المكتبة التي عرف منها أن الشمس تضيء قعر الآبار في مدينة أسوان يوم 21 تموز في كل عام. وخلص من ذلك إلى أن أشعة الشمس تكون عمودية على هذه المنطقة في هذا اليوم من السنة. 

حساب زاوية الظل
قام بعد ذلك بحساب الزاوية التي يصنعها فنار الإسكندرية مع ظله في هذا اليوم بالذات (هناك رواية أخرى عن أنه قاس الزاوية التي تصنعها عصى مع ظلها، وهذا لن يغير شيئاً من العملية). وبنتيجة القياس وجد أن هذه الزاوية تساوي 7.2 درجة. 

تساوي الزاويتين والقوس بين أسوان والإسكندرية
ومن ذلك توصل إلى (وهو ما يمكن لطالب الصف السابع اليوم أن يقوم به) أن هذه الزاوية هي الزاوية نفسها التي يصنعها قوس الأرض الممتد بين أسوان والإسكندرية عندما ينظر إلى هذا القوس من مركز الأرض. وبما أنه يعرف الزاوية الآن، فإذا عرف طول القوس فسيكون قادراً على حساب محيط الأرض.

عاد إلى مكتبته مرة ثانية وبحث عن المسافة بين الإسكندرية وأسوان، مما قد يكون الرحالة قد دونوه في لفائفهم. وبالفعل فقد وجد أن هذه المسافة تساوي 787.5 كم بمقاييس اليوم (كانت وحدة القياس في هاتيك الأيام غير المتر ومشتقاته). وبما أن الزاوية التي قاسها (7.2 درجة) تمثل 1/50 من زاوية محيط الأرض، لذا فإن المحيط يساوي 39375 كم وفق حساباته. 

الطريق بين أسوان والإسكندرية
أما المحيط الحقيقي فهو 40070 كم. وهذا الفارق (البسيط) يمكن فهمه إذا أخذنا في الحسبان أخطاء القياس، سواء في قياس الزاوية أو قياس المسافة بين أسوان والإسكندرية الذي قدر بناء على ما تمشيه الجمال وسطياً في اليوم، وعدد الأيام اللازمة لقطع المسافة بين المدينتين مع العلم أن الطريق بين المدينيتن لم يكن مستقيماً.

بقي أن نقول إن هناك الكثير عن حكاية قياس محيط الأرض، منها أن إراتوستن هو من رأي الشمس في قعر البئر في مدينة أسوان، وأنه هو من قاس المسافة بين أسوان والإسكندرية. ولكن لا شيء يدل على ذلك، وهو في الواقع لم يكن بحاجة له، إذ كان يتوفر لديه كل ما يريد معرفته في مكتبة الاسكندرية التي عينه بطليموس الثالث قيماً عليها عام 245 قبل الميلاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق