بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

مرض النسيان الرقمي

أصبحت شبكة الإنترنت وأدوات الاتصال بها الوعاء الرئيسي لكل ما نريد من معلومات. ومع مرور الوقت نضع فيها أشياء كنا في السابق نعاني من مجهود تذكرها. فبعض الأشياء الهامة، مثل المواعيد القريبة والأعمال التي سنقوم بها في اليوم، يمكن أن نعهد إلى هذه الوسائل لتذكيرنا بها. وأصبحنا نحمل رؤوسنا بين أيدينا بحسب تعبير أحدهم.

البعض ينظر إلى هذا على أنه مؤشر سلبي. ولكن حتى لو أخذنا هذا الجانب بمفرده فيمكن أن ننظر إليه من زاوية أخرى إيجابية للغاية. فأفكار كثيرة تعبر رؤوسنا في اليوم الواحد، بعضها هام ولكننا ننساها في زحمة اليوم وقد لا نتذكرها إلا بعد بضعة أيام، وقد لا نتذكرها على الإطلاق. وتسجيلها في أدواتنا المحمولة سيحفظها لنا نصاً أو صوتاً أو صورة!

افترض بعض الباحثين أن الاعتماد على وسائل الاتصال هذه قد يقود إلى الإصابة بمرض "النسيان الرقمي" لأننا لم نعد قادرين على حفظ المعلومات نتيجة لاعتمادنا على وسائلنا الرقمية. ففي دراسة أجريت في بريطانيا على ستة آلاف شخص تبين أن 71% منهم لا يتذكرون رقم هواتف أبنائهم وأن 57% لا يتذكرون رقم هواتف عملهم، وهذا يمثل خطراً بطريقة ما.
 
وفي دراسة أجريت فيها تجارب للنظر في كيفية اعتماد الذاكرة على أدوات الاتصالات. ففي إحداها طُلب من المشاركين كتابة جملة ما مثل "عين الجائع أكبر من بطنه" في حواسيبهم. وأُخبر نصفهم بأن ما كتبوه سيحتفظ به، وقيل للنصف الثاني أن ما كتبوه سيحذف. النتيجة كانت أن النصف الأول كانت ذاكرتهم أضعف في تذكر الجملة. وفي تجربة ثانية طُلب من المشاركين كتابة نص والاحتفاظ به في ملفات محددة. وفي المجمل كانت ذاكرتهم أفضل في تذكر اسم الملف ومكانه من تذكر النص. وخلاصة التجربتين هي أن التقانة قد غيرت من طريقتنا في تنظيم المعلومات بحيث نتذكر التفاصيل التي نعرف أنها قد تفقد، وأن أوليتنا في تذكر مكان المعلومات بدلاً من تذكر تفاصيل هذه المعلومات. 

وفي تجربة ثالثة استُعمل فيها ملفان يحتوي كل منهما على لائحة من كلمات. طلب من نصف المشاركين الاطلاع على اللائحة الأولى وحفظها، وطُلب من النصف الثاني الاطلاع عليها وعدم حفظها. ثم طُلب من الجميع الاطلاع على اللائحة الثانية وعدم حفظها في حواسيبهم. كانت النتيجة أن المجموعة الأولي كانت أقدر على تذكر محتويات اللائحة الثانية. السبب في ذلك وضوحاً أنها "أراحت" ذاكرتها من تذكر مفردات اللائحة الأولى. وعليه فإن استخدام الأدوات الرقمية إيجابي في هذه الحالة.... البعض يعتقد أن ذلك سيجعل الإنسان قادراً أكثر على الإبداع بعدما أراح ذاكرته من أشياء لا داع لتذكرها على نحو دائم.... وستكشف لنا الأيام ما كان غائيا!

لمن يود الاطلاع على مزيد من تفاصيل التجارب يمكنه العودة إلى الرابط:
http://www.sciencealert.com/the-internet-is-eating-your-memory-but-something-better-is-taking-its-place

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق