بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

الدين الانبعاثي

ازدادت نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو منذ الثورة الصناعية بمقادير كبيرة تمثل خطراً متزايداً على الحياة على كوكب الأرض. وقد بلغت هذه النسبة أرقاماً قياسية في عام 2014 إذ وصلت نسبة ثاني أوكسيد الكربون إلى حوالى 0.04% بكل ما يحمل ذلك من آثار سلبية على الصحة والمناخ. فالهواء المستنشق بهذا المعدل من ثاني أوكسيد الكربون يكون حاملاً لمعادن ثقيلة تؤدي إلى أمراض كثيرة، هذا غير أمراض التنفس. ومن المعروف أن الإنسان الذي يتعرض لهواء يحتوي على 10% من ثاني أوكسيد الكربون لمدة عشر دقائق يواجه الموت. وفي المعايير الدولية فإن الأماكن التي تتعرض لانتشار غاز ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 0.4% يجب إخلاؤها في الحال.

مصدر هذا الغاز قد يكون طبيعياً، من البراكين والحرائق وعمليات التنفس التي تقوم بها مختلف الكائنات الحية.  ووجوده في النسب الطبيعية ضروري للحياة كما هو معروف في عملية التمثيل الضوئي عند النبات. أما المصدر الثاني فهو الاستخدامات الإنسانية لمواد إنتاج الطاقة مثل الوقود الأحفوري الذي يؤدي احتراقه إلى انطلاق هذا الغاز الضار. وهو ما بدأ مع انتشار الصناعة التي كانت تستخدم الفحم الحجري وازداد مع استخدام البترول، وهو استخدام متزايد مع تزايد عدد السيارات في العالم.


ولكن الدول والمجتمعات لم يكن لها الدور نفسه في انتشار هذا الغاز. فدول إفريقيا مثلاً لم يكن لها دور في الثورة الصناعية ولا تزال نسبة انتشار السيارات فيها هي الأقل في العالم. في حين أن مجتمعات أخرى كان لها النصيب الأكبر في ذلك. ومن ثم فلا يمكن أن تقع كلفة تنقية الجو من هذا الغاز بالتساوي على الجميع. ويستخدم للتعبير عن ذلك اليوم مصطلح "الدين الانبعاثي".

وبالفعل وبحسب دراسة أعدتها جامعة كونكورديا الكندية فإن الولايات المتحدة مسؤولة عن تلويث الجو بمقدار 100.3 مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون بين عامي 1990 و 2013، أي أن كل فرد أمريكي هو مسؤول عن تلويث الجو بمقدار 300 طن بين هذين العامين. وهو الناتج عن أكثر مما يلزم للسفر بالسيارة 150 مرة من نيويورك إلى لوس إنجليس (4500 كم) ذهاباً وإياباً. وبما أن الكلفة الاجتماعية لكل طن هي 40 دولاراً، لذا يترتب على كل مواطن أمريكي دين بمقدار 12 ألف دولار عن هذه الفترة فقط. وهو مبلغ يفوق خمس مرات ما يترتب على الهندي الذي ساهمت بلده في تلوث الهواء بمقدار كبير في العقدين الأخيرين نتيجة لانتشار صناعات التعدين والصناعات الكيمائية. والهند هي الملوث الثالث عالمياً بعد الولايات المتحدة التي تأتي ثانية بعد الصين التي تساهم بنسبة 27% في التلوث بثاني أوكسيد الكربون، وذلك وفقاً لقياسات عام 2014. 

بقي أن نقول إن هناك ديون أخرى يجب دفعها، وخاصة تلك الناجمة عن تصحر التربة وقطع أشجار الغابات والإجهاز على الكثير من الأنواع الحيّة... لعل البشرية تفيق من سباتها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق