بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

أبو تمام ... أكل فكره جسده

ولد الشاعر العباسي أبو تمام في قرية جاسم قرب دمشق حوالي عام ١٨٨هـ واسمه حبيب بن أوس الطائي.
عمل في الحياكة في دمشق ثم انتقل إلى مصر وكان يسقي الماء في جامع عمرو بن العاص ويستمع إلى حلقات العلم في المسجد، حفظ الشعر منذ طفولته وبرع فيه.

صاحب أبو تمام الخليفة المعتصم ونظم قصيدته الشهيرة بعد فتح “عمورية” وفيها البيت الشهير:

السيف أصدق أنباءً من الكتب   ***   في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف في   ***   متونهن جلاء الشك والريَبِ

 ومن القصص اللطيفة التي تبين ذكاءه وفطنته موقف حصل عندما كان أبو تمام ينشد على المعتصم قصيدة يمدحه فيها ويقول:

ما في وقوفك ساعة من بأس   ***   تقضي ذمام الأربع الأدراس

فلما وصل إلى قوله

إقدام عمرو في سماحة حاتم   ***   في حلم أحنف في ذكاء اياس

( عمرو ) يقصد عمرو بن معد يكرب
( حاتم ) يقصد حاتم الطائي
( أحنف ) هو الأحنف بن قيس
( إياس ) يقصد القاضي إياس بن معاوية

 وكان الفيلسوف المعروف الكندي حاضراً آنذاك فقال:
“الأمير فوق ما وصفت، وإنك شبهته بأجلاف العرب”

فأطرق أبو تمام ثم ما لبث أن قال:

لا تنكروا ضربي له مَن دونه   ***   مثلا شروداً في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره   ***   مثلا من المشكاة والنبراس

 يقصد الآية الكريمة (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ... )

فلما انتهى من إلقاء قصيدته رجعوا إليها فلم يجدوا فيها هذين البيتين فقال الكندي للخليفة:
"إن فكره يأكل جسمه كما يأكل السيف المهند غمده ، ولا يعيش كثيراً"

وولاه المعتصم بريد الموصل فلبث فيه سنتين ثم توفي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق