بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 11 سبتمبر 2015

الرجل الذي نجا من القنبلة الذرية مرتين!

كان تسوتومو ياماغوشي يتهيأ لمغادرة هيروشيما عندما سقطت القنبلة الذرية الأولى في ٦ آب عام ١٩٤٥، وكان يعمل مهندساً بحرياً لصالح شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة وسنه آنذاك ٢٩ عاماً، وكان في رحلة عمل لصالح شركته حيث قضى الصيف مع زملائه يعملون ساعات طويلة على تصميم ناقلة نفطية جديدة، وكان يفترض أن يكون هذا آخر أيامه في المدينة.
وفي الساعة الثامنة والربع من ذلك الصباح، كان يوماغوشي يسير باتجاه حوض السفن الخاص بميتسوبيشي للمرة الأخيرة عندما سمع صوت طائرة تحلق فوق رأسه، وعندما نظر نحوها شاهد قاذفة قنابل أمريكية من طراز B-29 فوق المدينة ترمي غرضاً صغيراً مربوطاً بمظلة٠ وتوهجت السماء فجأة بضوء أبيض ولم يكن يمتلك إلا لحظات للنزول في حفرة قبل وقوع الانفجار وسماع الصوت المدوي.
اقتلعت موجة الصدمة المرافقة للانفجار ياماغوشي من الأرض ورمته في حقل بطاطا مجاور وكان عند ذلك يبعد أقل من ميلين عن مكان الانفجار، وعندما فتح ياماغوشي عينيه وجد كل شيء مظلماً وكان محاطاً بكميات من الرماد المتساقط كما رأى سحابة الفطر تعلو في السماء فوق هيروشيما، وكان ذراعاه ووجهه قد أصيبت بحروق شديدة كما تمزقت طبلتا أذنيه.

غادر ياماغوشي هيروشيما في الصباح التالي مع زميليه اللذين نجوا أيضاً من الانفجار، وكان إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما قد تسبب بمقتل ٨٠٠٠٠ شخص مباشرة، وأدى إلى وفاة عشرات الألوف في الأسابيع التالية.
وصل ياماغوشي إلى ناغاساكي في صباح ٨ آب واتجه نحو المستشفى ثم عاد إلى بيته محموماً مضمداً، وبالرغم من جروحه وحالته الصحية فقد توجه ياماغوشي في صباح ٩ آب نحو مكاتب شركة ميتسوبيشي في ناغاساكي. وكان يحضر اجتماعاً مع مدير الشركة عندما انفجرت القنبلة الذرية على المدينة. وكانت القنبلة الذرية الثانية أقوى من سابقتها إلا أن الطبيعة الجبلية للمدينة إضافة إلى بيت السلم المقوى تضافرا للتخفيف من آثار الانفجار داخل المكتب. وللمرة ثانية خلال ثلاثة أيام تواجد ياماغوشي في مسافة لا تتجاوز ميلين من مركز الانفجار النووي، وللمرة الثانية نجا وأسرع إلى منزله واطمأن على حال زوجته وابنه اللذين كانا قد اختبأا داخل نفق عند وقوع الانفجار.



في الأيام التالية، بدأ تأثير الاشعاع الذي تعرض له ياماغوشي بالظهور. فقد تساقط شعره وساءت حال جراحه وبدأ يتقيأ بشكل مستمر ولكنه تعافي على مهل وعاش بعد ذلك حياة طبيعية نسبياً.
بعد إعلان الامبراطور الياباني استسلام بلاده في ١٥ آب، عمل ياماغوشي مترجماً للقوات الأمريكية المسلحة أثناء احتلالها لليابان، ثم علم في المدارس قبل أن يستمر في عمله مع ميستوبيشي، ورزق بابنتين في خمسينيات القرن العشرين، و لم يتحدث عن ذكرياته إلا في بداية القرن الحادي والعشرين عندما أصدر مذكراته وانضم إلى الحركه المناهضة للأسلحة الذرية، وسافر بعد ذلك إلى نيويورك عام ٢٠٠٦ وتحدث أمام الأمم المتحدة عن نزع السلاح النووي.

ولم يكن ياماغوشي الوحيد الذي حضر الانفجارين ونجا منهما، بل شاركه في ذلك زميلاه إضافة إلى صانع طائرات ورقية يدعى موريموتو. ويقال بأن هناك ما يقارب ١٦٥ شخصاً من المحتمل أن يكونوا شهدوا الهجومين، إلا أن ياماغوشي هو الشخص الوحيد الذي اعترفت به الحكومة اليابانية بشكل رسمي وكان ذلك عام ٢٠٠٩ قبل وفاته بعام واحد عن عمر يناهز ال ٩٣.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق