بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 يوليو 2015

سنة لا صيف فيها!

لم يكن صيف سنة ١٨١٦ كأي صيف آخر، فقد هطلت الثلوج في حزيران في بعض الولايات الأمريكية وتساقطت الأمطار الباردة في أوروبا وكان ذلك الصيف بارداً وعاصفاً ومظلماً مما جعل هذه السنة تعرف في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا بـ”السنة التي لا صيف فيها”.
يكمن تفسير هذه الظاهرة في جبل تامبورا في أندونيسيا في الجانب الآخر من الكرة الأرضية ففي ٥ نيسان من عام ١٨١٥ بدأ البركان في جبل تامبورا بالثوران وانفجر خلال أربعة أشهر انفجاراً هو الأكبر في التاريخ المسجل وحصد حياة عشرات الألوف في جنوب شرقي آسيا وقذف البركان في الغلاف الجوي سحابة ضخمة من الرماد والهباء الجوي ارتحلت إلى أنحاء مختلفة من العالم فحجبت أشعة الشمس وأدت إلى انخفاض درجات الحرارة العالمية ٣ درجات مئوية وسببت تغيرات هائلة في الطقس في العام التالي.
وقعت الجزيئات الكبيرة التي قذفها البركان على الأراضي المجاورة وغطت القرى والبلدات بكميات هائلة من الرماد وتفيد بعض التقارير بأن السفن في المنطقة كان عليها أن تشق طريقها خلال طبقات من الرماد طافية فوق سطح المحيط يبلغ ارتفاعها عدة أقدام.

سبب البركان في الهند جفافاً وفيضانات غيرت بيئة خليج البنغال وساهمت في ظهور موجة جديدة من الكوليرا قتلت الملايين كما كانت الآثار على كل من أوروبا وأمريكا الشمالية كبيرة فقد ماتت المحاصيل بسبب الصقيع وغياب أشعة الشمس مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء وإلى اضطرابات مدنية وتراجع اقتصادي حاد. وكان للتغيرات الجوية في ذلك الصيف آثاراً جانبية طريفة، فقد ربط البعض ارتفاع أسعار غذاء الخيول التي كانت وسيلة النقل الأساسية في أوروبا بإلهام المخترع الألماني كارل درايس Karl Drais لابتكار نموذج مبكر من الدراجة الهوائية أما في سويسرا، فقد اضطرت الكاتبة ماري شيللي Mary Shelley على ما يبدو إلى تمضية وقتها في الداخل أثناء صيف ١٨١٦ بسبب الطقس الكئيب والماطر فروحت عن نفسها بكتابة رواية الرعب الشهيرة (فرانكشتاين)!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق