بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 أكتوبر 2017

خطاب الزعيم الهندي الأحمر سياتل عام 1854

فيما يلي ترجمة لخطاب "سياتل" زعيم قبيلتي السكواميش والدواميش الهنديتين أمام الحاكم إسحاق ستيفنس عام 1854 بسبب طلب الحكومة الفيدرالية الأمريكية شراء أراض لقبيلته. هناك من يشكك في صحة الخطاب، ولكننا لا نملك تأكيداً أو نفياً لذلك، وما نعرفه هو أن تحسينات لغوية أدخلت على الخطاب لأسباب فنية دون التلاعب بمضمونه. ومثل هذا الخطاب ليس بمستبعد عن ذلك الرجل الحكيم الذي سميّت مدينة سياتبل الأمريكية باسمه.

كيف يمكنك بيع أو شراء السماء  أو دفء الأرض؟
تبدو الفكرة لنا غريبة. وإذا كنا لا نملك طيّب الهواء وبريق الماء، فكيف لك أن تشتريهما؟
إن كل جزء من تراب هذه الأرض هو مقدس بالنسبة لشعبي.
كل إبرة صنوبر براقة، وكل شاطئ رملي، وكل غمامة ضباب في الغابة المظلمة، وكل حقل فيها، وكل طنين هائمة، هي أشياء مقدسة في ذاكرة وحياة شعبي.
والنسغ الذي يجري في الشجر يحمل ذكريات الرجل الأحمر.
موتى البيض ينسون بلد مولدهم عندما يذهبون للتجول بين النجوم. ومواتنا لن ينسوا أبداً تلك الأرض الرائعة، لأنها أم الإنسان الأحمر. إننا جزء من الأرض، وهي جزء منا. والزهور العطرة أخواتنا؛ والوعل والحصان والنسر الكبير هم أخوتنا. وذوائب الصخور وعصائر المروج وحرارة المهر والإنسان، ينتمون جميعاً للعائلة نفسها.
وعندما أرسل الزعيم الكبير في واشنطن رسالة تقول إنه يريد شراء أرضنا، فإنه يطلب الكثير منا. يقول الزعيم الكبير إنه سيترك لنا منطقة نتمكن من العيش فيها براحة مع بعضنا. سيكون أبانا وسنكون أبناءه. سنفكر إذن في عرض شرائكم أرضنا. ولن يكون هذا سهلاً. فهذه الأرض مقدسة بالنسبة لنا.

هذه المياه المتلألئة التي تجري في السواقي والأنهر هي ليست ماء فقط ولكنها دم أجدادنا. وإذا بعناكم الأرض فعليكم التذكر بأنها مقدسة وأن كل انعكاس لطيف في ماء البحيرات الصافية يُخبر عن مجريات وذكريات حياة شعبي. إن همس الماء هو صوت جدي.

الأنهر هي أخوتنا، تروي عطشنا. تحمل زوارقنا الصغيرة وتغذي أبناءنا. وإذا بعناكم أرضنا، فعليكم من الآن فصاعداً تذكّر أن الأنهر هي أخوتنا وأخوتكم، وعليكم أن تظهروا لها الحنان الذي تظهروه لأخ، وأن تعلّموا ذلك لأبنائكم. نعلم أن الرجل الأبيض لا يفهم آدابنا، فقطعة أرض بالنسبة له تشبه جارتها، لأنه غريب يصل في الليل ويأخذ الأرض التي يحتاجها. الأرض ليست أخته، هي عدوته، وعندما يحوزعليها، يذهب إلى ما هو أبعد. إنه يتخلى عن قبر أسلافه دون أن يزعجه ذلك. إنه ينتزع الأرض من أبنائها وهذا لا يضايقه. وهو ينسى قبر أسلافه والإرث الباقي لأبنائه. وهو يعامل أمه الأرض، وأخاها السماء، كما لو كانت أشياء تشترى أو تنهب أو تباع كمثل الخراف أو اللآلئ البراقة. بشهيته سوف يلتهم الأرض ولن يترك وراءه سوى القفار.

لا يوجد منطقة هانئة في مدن الرجل الأبيض. وليس من مكان لسماع الأوراق تتفتح في الربيع، أو صرصرة أجنحة الحشرات. وقد يكون هذا لأني ربما متوحش لا يفهم. فالضجيج يبدو إنما شاتماً أذنايّ. وأي فائدة في العيش إذا لم يكن بمقدور الإنسان سماع صوت البوم أو نقيق الضفادع أو المستنقع ليلاً؟ إني إنسان أحمر ولا أفهم. يفضل الهندي صوت الهواء الرخيم المندفع فوق سطح المستنقع، ورائحة الهواء نفسها، مغسولة بمطر الظهيرة، أو معطرة بالصنوبر.
الهواء ثمين للرجل الأحمر، لأن كل الأشياء تتشاطر النَفَسَ نفسه.
الحيوان والشجرة والإنسان، كلهم يتشاطرون النَفَسَ نفسه.

لا يبدو أن الرجل الأبيض منتبهاً إلى الهواء الذي يتنفسه. إنه مثل إنسان يحتاج إلى عدة أيام للتنفس، ولا يتأثر بالرائحة الكريهة. ولكن إذا بعنا أرضنا، فعليكم تذكر أن الهواء بالنسبة لنا ثمين، وأن الهواء يشاطر روحه مع كل ما يعتمد عليه للحياة. الهواء الذي أعطى جدنا نَفَسَهُ الأول استعاد نفسه الأخير. وإذا بعناكم أرضنا فعليكم تركها لوحدها ومعاملتها على أنه مقدسة، مثل مكان حيث يمكن للرجل الأبيض نفسه تذوق الهواء الملطف بزهور البراري. سنفكر إذن في عرضكم لشراء أرضنا. ولكن إذا قررنا قبوله فإني أضع شرطاً: على الرجل الأبيض أن يعامل حيوانات هذه الأرض كأخوته.

إني متوحش ولا أعرف طريقة أخرى للحياة.
لقد شاهدت آلاف الثيران تتفسخ في البراري تركها الرجل الأبيض الذي قتلها من قطار عابر. إني متوحش ولا أفهم كيف أن لحصان حديدي بخاري أن يكون أكثر أهمية من الثور الذي لا نقتله نحن إلا للبقاء على قيد الحياة.
ماذا سيكون عليه الإنسان بدون حيوانات؟ وإذا اختفت كل الحيوانات فإن الإنسان سيموت من وحدة قاتلة للنفس. ذلك لأن ما يصيب الحيوان يصيب الإنسان.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق