بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 15 أكتوبر 2017

بيئة- رأس المال الطبيعي

ما الذي يمكن أن يبدو عليه الاقتصاد إذا أخذ بعين الاعتبار جميع أشكال رأس المال؟ ماذا سيكون عليه الاقتصاد فيما إذا أخذ بالاعتبار كل أشكال رأس المال؟ وماذا لو نظّم الاقتصاد حول الحقائق البيولوجية للطبيعة وليس فقط كتجريد لاقتصاد تقليدي مجدد وللمحاسبة؟ وماذا لو اعتمد ضمن أصول حساب التكاليف رأس المال الطبيعي والبشري ليس كرأس مال لا ينضب ودون قيمة وإنما كرأس مال محدود وله قيمة متكاملة مع عوامل الإنتاج؟ وماذا يحصل للشركات إذا أخذت طواعية هذه العوامل في محاسبة التكاليف؟

هذه الأسئلة وغيرها طرحها ثلاثة من اختصاصيي البيئة والإدارة عام ١٩٩٩ في كتاب بعنوان "رأس المال الطبيعي”*. ينتقد الكتاب النظام الرأسمالي الصناعي القائم ويصفه بأنه لا يتوافق كلياً مع مبادىء المحاسبة الأساسية، فهو يستثمر كلياً رأس ماله ويطلق عليه اسم" الإيرادات" ولا يعطي أية قيمة للمخزون الكبير الذي يستعمله المتمثل في الموارد الطبيعية والبيئة الحيّة إضافه الى رأس المال الإنساني الذي يتمثل بالمخزون الاجتماعي والثقافي للإنسان. ويعتقد المؤلفون أنه عندما يقتنع أصحاب القرار ورجال الأعمال بهذه العلاقه بين الموارد الطبيعية والإنسان، عندها فقط يمكنهم أن يتعايشوا سوية على نحو مستدام. فالاقتصاد العالمي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالموارد الطبيعية والخدمات التي تقدمها المنظومات الأيكولوجية من مياه وتربة صالحة ودورات المواد الطبيعية والمناخ الخ.

ويضيف المؤلفون بأن الثورة الصناعية المقبلة تعتمد على أربع دعائم: الحفاظ على الموارد من خلال عمليات تصنيع أكثر كفاءة، وإعادة استخدام المواد كما في الطبيعة، والاعتماد على نوعية المنتج بدلاً من كميته، وأخيراً الاستثمار في الموارد الطبيعية واستعادتها والحفاظ عليها بشكل مستدام.

يضع المؤلفون عدداً من الفرضيات لطرح مفهوم رأس المال الطبيعي، وهي بأن العامل المحدد للتنمية الاقتصادية مستقبلاً ( لاحظوا أن الكتاب نشر عام ١٩٩٩) هو توفر الموارد الطبيعية التي توفرها الطبيعة على شكل خدمات ولا يوجد لها بدائل ، والفرضية الثانية أن النمو السكاني وأنماط الاستهلاك ونظم الأعمال غير المناسبة أدت جميعها إلى تراجع توٌفر الموارد الطبيعية والفرضية الثالثة أنه يمكن تأمين نمواً اقتصاديا جيداً في المستقبل ضمن إطار أنظمة ديمقراطية تقوم بتقييم رأس المال الطبيعي تقييماً مناسباً، وأخيراً إن رفاهية الإنسان وتقدمه مرتبطان أكثر بنوعية واستدامة الخدمات التي تقدمها الطبيعة وليس بالحصول على الفوائد المادية الآنية فقط.

الآن، وبعد سبعة عشر عاماً على نشر الكتاب، فإنه من السهل ملاحظة كيف أن الأعمال والمشاريع التي نُفّذت في القرن الماضي أدت الى عدم استدامة الطبيعة والخدمات التي تقدمها للإنسان مثل توفر الموارد الطبيعية التي أصبحت العامل الأكثر تحديداً لنجاح خطط التنمية في كثير من البلدان والمناطق.

Natural Capitalism: Creating the Next Industrial Revolution*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق