بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 أكتوبر 2017

الحياة والموت... كيف تراهما الحيوانات


الحياة بداية بالميلاد ونهاية بالموت وبينهما مراحل العمر من طفولة ويفاعة وشباب... ولكل مرحلة أمر تحققه. فاللعب في الطفولة والتعلم في اليفاعة والشباب، والتكاثر في الشباب والرجولة، ونقل التجارب وتعليم الآخر في الكهولة، وفي الشيخوخة التأمل. وفي التأمل إقرار بأن لكل بداية نهاية. يعي الإنسان ذلك بالرغم من تمسكه في الحياة وأمله الدائم في استمرارها، وإن كان يعرف في قرارة نفسه أن ذلك عبثٌ، لكنه الرجاء وتعليل النفس بالسراب. إنها النهاية التي لا بد منها لكل كائن حي، إنسان أم حيوان أم نبات. فهل تعي الحيوانات أن الموت هو نهاية المطاف؟



طبعاً لا جواب مباشر على ذلك لتعذّر فهم ما يدور بخلد الحيوانات، ولكن بعض المشاهدات مفيدة في هذا الخصوص. لنأخذ سمك السلمون مثلاً، وخاصة الأحمر منه، الذي يعيش في القارة الأمريكية. إذ يولد هذا السمك في المياه العذبة، ويبقى فيها حتى يبلغ من العمر قرابة ثلاث سنوات، يمضي بعدها إلى البحر المحيط بلونه الفضي الأزرق، حيث يمضي بضع سنين، ليعود بعدها بالملايين إلى مكان مولده، سابحاً بعكس التيار برحلة مضنية جداً. هنا يأخذ لونه بالتغير ليصبح أحمراً، وتظهر له أسنان، ويزداد حجمه. يبحث الذكر عن أنثى طالباً ودّها. تضع الأنثى بيوضها في حفرة تحفرها بذيلها، ويقوم الذكر بتلقيحها. يعتنى الإثنان بالحفرة وما تحتويه، لتولد أسماك جديدة لن ترى أبداً أبويها. إذ بعد ذلك بأيام قليلة ستدب الشيخوخة في الأبوين. يتوقف نظامها المناعي بالكامل، شيخوخة عاجلة تنتهي بموت سريع، فهي من شدة إعيائها لا تقدر على مقاومة تيار الماء وتموت "غرقاً"! ويعيد الصغار الحلقة نفسها. وما عودة السمك بملايينه إلى أرض ميلاده إلا نتيجة "شعور" باقتراب الأجل، أجل يُدفع بالتكاثر لاستمرار البقاء. البعض يقول إن موت هذا السمك بهذه السرعة ليس إلا ليكون طعاماً لصغاره وضمان استمرارها في الحياة، وإن كان بعضه يذهب طعاماً للدببة وغيرها، ويتفسخ ما يبقى بين الثنايا ليزيد في خصوبة الأرض.



مثل آخرهو الشمبانزي، القريب من الإنسان، والمعروف بسرعة تأثره وبشدة انفعالاته. فعندما تضع أنثاه مولوداً جديداً تعبّر عن سعادتها وتسعى لتقديمه للآخرين، وهي بالطبع تدافع عنه وتحميه. ولكن إن حدث وأصابه الموت نتيجة عنف الآخرين أو سقوطه أو أي أمر آخر، فإن الأم تنقطع عن الآخرين وتنزوي في مكان قصي، حيث تمضي بعض الوقت تلملم فيه جراحها لتتعافى من حزنها قبل أن تعود إلى جماعتها. أي أنها تصاب بحسب لغة البشر بالاكتئاب، وهذا يعني مرة أخرى أنها تعي الموت، تعي فقدان الآخر. ودليل ذلك مرة أخرى الفيل الأفريقي الذي يسير في جماعات متنقلاً بين أماكن معروفة، وعند مروره بمكان توفي فيه أحد أفراد جماعته تقف الفيلة وتبحث عن بقايا هذا المتوفي من عاج أو جمجمة أو عظام، تلامسها، تحركها، تطبطب عليها بخراطيمها لفترة قبل أن تتابع سيرها!... قد يقول قائل بأن هذا هو تفسيرنا لما نراه وبأنه لا يمكننا أن ندرك مشاعر هذه الكائنات... صحيح، ولكننا أمام كل هذا لا يمكننا أن ننكر أن بعض الحيوانات تدرك الموت بطريقة ما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق