بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 أكتوبر 2017

قصة الكتاب...متى بدأ

بدأت الكتابة فيما يبدو في الألف الرابع قبل الميلاد تقريباً، أي منذ نحو خمسة إلى ستة آلاف سنة. أسباب الكتابة، كما أشارت إلى ذلك أبحاث مختلفة، كانت كثرة المعلومات التي لم يعد للذاكرة القدرة على حفظها خاصة معلومات التجارة والمحاسبة، وكذلك الحاجة إلى تسجيل الأحداث التاريخية وأحداث الجوار. تطلبت الكتابة إرساءً للقواعد، واتفاقاً على نمط الكتابة من هيروغليفية ومسمارية وأبجدية وغيرها. كما تطلبت، وهو الأهم في هذا المقال، حامل الكتابة وتطوره.

أول حوامل الكتابة كانت الحجارة المشهورة بطول بقائها، وكذلك صفائح البرونز ووريقات الذهب والفضة، ورُقُم الآجر والفخار، والشمع، وقشور نوع من ساق شجر الحور، والحرير، وشرائح القصب، وأوراق البردى. بعد ذلك جاء الورق المصنوع من لحاء الشجر عجيناً يدحى في رقائق. بعد ذلك تأتي الوسائل الحالية من حواسيب ومتمماتها. أما أدوات الكتابة فكانت "أقلام" من المعدن، أو من العظام أو القصب الذي شُكلت نهايته بما يساعد على الكتابة وكذلك ريش الطيور. ثم المطابع، التي بدأت بمطبعة غوتنبرغ، وآلات الكتابة الميكانيكية وآخرها لوحة مفاتيح الحاسوب أو الهاتف الجوال، التي لا يحبذها الأطبار النفسيون لأن الكتابة اليديوية بالقلم بما فيها من حركات تساهم في تثبيت المواضيع المتعلمة فيما يبدو!
كتاب لفائف البردى

الأحجار والرقم كانت ملائمة للنصوص الصغيرة، ولكن مع تطور الحياة الحضرية وتعدد الأنشطة التجارية والفكرية تطلب الأمر مساحات أكبر للتدوين، فاخترع الإنسان اللفائف التي استعملت فيها أوراق البردى أو جلود الخراف. وهذه اللفائف هي التي كانت تضم معلومات مكتبة الإسكندرية منذ القرن الثالث قبل الميلاد التي زاد عدد لفائفها عن 500 ألف لفافة، وإن قال البعض بأنها أقل من ذلك إلى نحو 400 ألف.

كتب نجع حمادي من القرن الثالث الميلادي
ولكن للفائف مشكلة البحث فيها عن معلومة ما، الأمر الذي كان يتطلب وقتاً كبيراً لم يكن ينفع فيها وجود جدول المحتويات أو ترقيم الصفحات. لذا كان الكتاب الذي نعرفه اليوم بما فيه من صفحات وتبويب وفهارس الذي يسهل التجول فيه من فصل إلى آخر ومن صفحة إلى أخرى. بدأ ذلك في روما في القرن الثاني قبل الميلاد ولكنه لم ينتشر حتى القرن الأول بعد الميلاد حيث بدأت اللفائف في الاختفاء، وإن استبقيت للرسائل. كان الكتاب الأول عبارة عن تجميع لصفحات من الورق أو الجلد، أو حتى الخشب الرقيق، الواحدة فوق الأخرى، تحزم مع بعضها، أو تخاط الواحدة مع الأخرى من الطرف نفسه باستخدام أعواد خشبية في البداية ثم استخدم الخيط العادي. شيء مماثل للكتاب، أو هو بين الكتاب واللفائف، اخترع في أمريكا الوسطى وكذلك في الصين في القرن الثالث الميلادي.
من أوائل الكتب الرومانية في القرن الرابع الميلادي

كانت الكتب تنسخ باليد (مخطوطات)، جاءت بعد ذلك آلات الطباعة وأشهرها مطبعة غوتنبرغ التي فتحت عهداً جديداً للكتاب. ولكن الكتابة تتطلبت وجود فواصل بين الكلمات (القرن السابع) وعلامات التنقيط (القرن الثامن)، وجدول المواضيع من فصول وفقرات وعلامات الفقرات (القرن الحادي عشر) ثم الترقيم والفهرس (القرن الثالث عشر). أما تخصيص صفحة خاصة للعنوان فلم يكن ذلك إلا في الفترة بين عامي 1475 و 1480.


وبالرغم من التقدم الكبير في مجال إيصال المعلومات وأدواتها المتمثل أكبرها في الإنترنت، إذ ظهر الكتاب الإلكتروني ومتصفحه منذ نحو عقد من الزمن، وهو ظهور ترافق بتوقعات كبيرة باختفاء الكتاب الورقي... لكنها كانت توقعات لم تتمكن من تقدير أهمية رائحة الورق والإمساك به وحفظه في مكتبة البيت، كل هذا يبدو أنه سيقاوم الكتاب الإلكتروني الآخذ في التراجع أمام الكتاب الورقي في السنتين الأخيرتين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق