بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017

الذكاء الصنعي ... يتفوق على نفسه

أحدث الذكاء الصنعي عام 2016 ضجة كبيرة بجعله الحاسوب يتفوق على أفضل لاعب "غو" في العالم. بدأت الحكاية يومها بقيام شركة صغيرة في بريطانيا اسمها "DeepMind Technologies بمعنى تقانات العقل العميق" مختصة في الذكاء الصنعي بتطوير برامج للعبة "غو"، أسسها ثلاثة بريطانيين من أصول أجنبية في عام 2010. اشترتها غوغل عام 2014 وأصبح اسمها "غوغل ديبمايند Google DeepMind". طورت هذه الشركة برنامج ذكاء صنعي اسمه "ألفاغو AlphaGo" يحتاج في عمله إلى حاسوب ذي إمكانات عالية، نظراً للحاجة إلى قدرات حسابية هائلة، إذ أن عدد إمكانات اللعب في هذه اللعبة هائل للغاية. فكل رد في هذه اللعبة هو واحد من بين 200 و 300 خيار. وهذا يعني أن عدد الخيارات لثلاثة ردود لاحقة هو بين 8 و 27 مليون من الخيارات التي يجب توقعها... ولعشرة ردود فالخيارات بمليارات المليارات!!

في عام 2016 خاض هذا البرنامج مبارايات عدة كان آخرها ضد بطل العالم "لي سيدول" بين عام 2000 وعام 2010 انتهت بفوزه بأربع مرات وخسارته مرة واحدة. وهو في عمله يتعلم من المباريات السابقة ودروسها وعدم الوقوع في أخطائها. وهذا النوع من التعلم يحتاج إلى وقت وهو تعلم مستمر، وهو ما يسمى بالتعلم عن طريق "التوجيه". وفي مطلع عام 2017 أصبح هذا البرنامج بطلاً للعالم بنتيجة عدد المباريات التي خاضها والنقاط التي كسبها. واعترف أبطال العالم لهذه اللعبة بتفوق ألفاغو بما لا ينازع، إذ فازت النسخة الأخير المسماة Masterعلى بطل العالم الحالي "كو جي" في أيار الماضي.

ولكن القصة لم تتوقف هنا. إذ طورت الشركة برنامجاً آخر اسمه "ألفاغو زيرو"، لا يتعلم من تجارب الآخرين وألعابهم وأخطائه وأخطائهم، ولكنه يتعلم من نفسه، وذلك عن طريق ما يسمى في التعلم بـ"التعزيز الذاتي". ينطلق من القواعد فقط وبدون أية خبرة خاصة، ويلعب مع لاعب آخر، وهو برنامج "الفاغو" السابق، ويتعلم بنفسه. وهو بذلك ليس محدوداً بالخبرة الإنسانية المحدودة حكماً.


وصل إلى مستوى "مبتدئ" بعد ثلاث ساعات من اللعب فقط، وبعد ثلاثة أيام من اللعب ضد ألفاغو تمكن من الفوز على نسخة ألفاغو التي كانت قد ربحت لي سيدول 100 مرة متوالية وبدون أية خسارة. وبعد 21 يوماً تمكن من التغلب على أحدث نماذج ألفاغو التي فازت على بطل العالم كو جي، وبعد أربعين يوماً فاز على كل النسخ الموجودة وأصبح بطل العالم بلا منازع! وبذلك يتفوق الذكاء الصنعي على نفسه، والأهم في كل هذا أنه لم يحتج الخبرة الإنسانية للتعلم ...الخبرة الإنسانية التي يحتاج الإنسان لبنائها إلى سنوات وسنوات في حين أن لآلة الذكاء الصنعي القدرة على الحصول عليها في بضعة أيام وربما بضعة ساعات!!


هناك تعليق واحد: