بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

جائزة نوبل للفيزياء 2017...أمواج الجذب

أعلنت لجنة تحكيم جائزة نوبل للفيزياء اليوم الثالث من تشرين الأول عن منح جائزة نوبل لثلاثة فيزيائيين أمريكيين هم: ريدر وايس وباري باريش وكيب ثورن، وذلك لرصدهم الأول والتجريبي المباشر لأمواج الجذب، وفقاً لإعلان اللجنة.

أعلنت نتائج هذا الرصد في شباط عام 2016، وهو رصد كان قد بدأ منذ عام 2015، أي بعد مائة سنة على إعلان نظرية آينشتين العامة الخاصة بالجاذبية التي جاء فيها أن الجاذبية تؤدي إلى تغيرات في الزمكان (فضاء الزمان-مكان) وأن لأمواج الجذب حامل اسمة "غرافيتون" مثل فوتون الضوء. والضوء كما هو معروف عبارة عن أمواج إلكهرومغناطيسية يمثلها الفوتون كجسيم. وعلى خلاف الأمواج الكهرومغناطيسية، فإن أمواج الجذب ضعيفة جداً جداً وبمليارات مليارات المرات عن أمواج الضوء، مما يجعل التقاطها وقياسها أمراً بالغ التعقيد.

أحد المرصدين الأمريكيين
ولقياس هذه الأمواج أقيم في الولايات المتحدة "مرصد أمواج الجذب بالتداخل الليزري Laser Interferometer Gravitational-Wave Observatory"، عمله ببساطة هو "لاقط لاهتزاز الفضاء". وهو عبارة عن أنبوبين متعامدين ومتماثلين تماماً، طول كل منهما 4 كيلومتر. وهذا الأنبوبان مفرغان تماماً (لتجنب التأثر باهتزازات الأرض). يرسل في كل منهما نسختين متماثلتين من موجة ليزرية، اللتان ستنعكسان عند نهاية كل أنبوب وتعودان إلى مرايا الليزر متطابقتان تمام التطابق في حال كون كل شيء طبيعي. 


الثقبان الأسودان قبل ارتطامهما
ولكن حدوث انفجار هائل في الكون، مثلما حدث نتيجة تصادم ثقبان أسودان في غابر الزمان، سيصدر عنه موجات جذب ستغير في الزمكان بحيث يكون تأثير ذلك، بتبسيط كبير، بأن الأنبوبين وكأنهما ليسا بالطول نفسه، وإنما سيتغير طولهما بحسب أمواج الجذب، ولن يكون هذا التغير متساوياً دائماً لأنهما متعامدان. وهذا التغير المتتابع في الطول (بقدر صغير جداً جداً) سيجعل أشعة الليزر المرتدة عند طرفي الأنبوبين غير متطابقتين. إذن فإن رصد فروق بين الموجتين المنعكستين عند طرفي الأنبوبين يعني أن ذلك نتيجة لتأثير أمواج الجذب، التي كانت في الواقع نتيجة الرقص القاتل للثقبين الأسودين حول بعضهما التي انتهت بانفجارهما منذ نحو 1.2 مليار سنة.

رصدت أول نتيجة لهذه القياسات في الرابع عشر من أيلول عام 2015 ولم يعلن عنها إلا بعد أن محّصت المعلومات الواردة من الأنبوبين عبر مرصدين أمريكيين، يبعد الواحد عن الآخر نحو 3000 كم، لثلاث دفعات من أمواج جذب، وتم رصد رابع لأمواج جذب عبر مرصد أوروبي في 27 أيلول الماضي مما يؤكد اكتشاف هذه الأمواج وجعل لجنة تحكيم جائزة نوبل تقر بذلك بزمن قياسي، إذ إن الجائزة تمنع بعد عدة سنوات من الاكتشاف انتظاراً للتحقق والتأكد. ومثل هذا الرصد يحدد مكان الانفجار وزمانه!

في الأمس أعلنت جائزة نوبل للطب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق