بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 مايو 2015

لغة النحل



اللغة هي وسيلة الاتصال بين الجماعات الحيّة مهما كانت هذه اللغة، لغة اللسان، أو لغة حركات الأيدي أو لغة الجسد أو أي شكل آخر. ولكل الكائنات لغاتها الخاصة بها، ومن بينها النحل. ولكن لغة النحل ليست لغة منطوقة وإنما لغة حركات أو رقص، الهدف منها إيصال معلومات لجماعة النحل عن مكان توفر الغذاء.

يقوم عدد من النحل، بين 5% و 25% من النحلات جامعات الرحيق، باستكشاف مواطن جديدة للغذاء. وغذاء النحل هو إما الرحيق أو غبار طلع الأزهار، الضروريان لإنتاج العسل.

وعندما تكتشف إحدى النحلات مكاناً للرحيق تعود إلى جماعتها لتخبرها بما وجدت مستعملة الرقص وسيلة لإيصال المعلومات عن المسافة والاتجاه. وأثناء الرقص تنبعث من أجنحتها رائحة الرحيق الذي يراد التعريف بمكانه.
وكلما كان إيقاع الرقص سريعاً وطويل المدة كلما كان الرحيق كثيراً وغنياً بالسكر. وهذا ما يدفع النحلات اللاتي يشاهدن الرقص إلى الطيران باتجاه المكان المقصود.

فإذا كان الرقص دائرياً، فهذا يعني أن الرحيق قريب ولا يبعد أكثر من 50 متراً. وأثناء الرقص ترسم النحلة دائرة وهي تدور حول نفسها، ومن ثم ترسم نصف دائرة باتجاه معاكس مع تغيير جهة الدوران. ومعدل  الدوران هو 8 إلى 10 دورات خلال حوالى 15 ثانية، . وما علق بجسدها من رحيق فينتقل إلى مشعرات النحلات اللاتي يشاهدن الرقص، وهذا ما يساعدهن على اكتشاف مكان الرحيق بملاحقة الرائحة.
أما عندما تقوم النحلة برسم ما يشبه شكل الرقم 8 في رقصها، فهذا يعني أن مكان الرحيق بعيد. وفي هذه الحالة تتوجه المستكشفة نحو الشمس، وترسم خطاً متعرجاً قصيراً، وهي تختلج وبطنها يتحرك نحو الأعلى والأسفل، ومن ثم نصف دائرة لتعود إلى نقطة البداية، ومن ثم تعبر القطعة المتعرجة نفسها وترسم نصف دائرة في الجانب الثاني، وبعدها تعيد الكرة مرات ومرات. وسرعة الرقص تتناسب عكساً مع المسافة الفاصلة بين النحل والرحيق. فإذا عاودت النحلة رسم المسار السابق بين تسع وعشر مرات خلال 15 ثانية فهذا يعني أن المسافة حوالى 100 متر، وسبع مرات تعني 200 متر، وأربع مرات ونصف تعني أن المسافة هي حوالى كيلومتر واحد، وإذا عاودت المسار مرتين فقط خلال الخمس عشرة ثانية فعندها تكون المسافة حوالى 2 كيلومتر.
والزاوية المحصورة بين الشاقول ومحور الرقص تساوي الزاوية بين الشمس واتجاه مصدر الرحيق. ويتغير محور الرقص مع حركة الشمس.

مكتشف تلك الرقصات ودلالاتها هو النمساوي كارل فون فريش، الذي استحق جائزة نوبل لعام 1973 عن هذا الاكتشاف. والعلم الخاص بمثل هذه المواضيع  هو علم الإيتولوجيا (Ethology)، وهو العلم الذي يعنى بسلوك الكائنات الحية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق