بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 4 مايو 2015

الدردنيل: البحر والنهر والمضيق



وهو مضيق يصل بحر إيجه مع بحر مرمرة، ويقع في الشمال الغربي من تركيا. يبلغ طوله 61 كيلومتراً وعرضه يتراوح بين 1.2 و 6 كيلومتر، ووسطي عمقه 55 متراً. إذن فهو مضيق بالتعريف. تجري المياه كما في الأنهار ولكن بالاتجاهين، حيث تجري التيارات السطحية من بحر مرمرة إلى بحر إيجة، والتيارات السفلية بالاتجاه المعاكس. وهي تيارات تكون قوية أحياناً.

وهذا المضيق مع مضيق البوسفور وما بينهما يشكلان الفاصل الطبيعي بين تركيا الآسيوية وأوروبا. وكذلك هما الممران الإجباريان بين البحر المتوسط والبحر الأسود.
اشتق الاسم من داردانوس Dardanus التي كانت مدينة على الجانب الآسيوي من المضيق. وهذا الاسم هو اسم أسطوري يعود إلى ابن زيوس الذي أنجبته إلكترا. وكان لهذا المضيق اسم يوناني هو "بحر هيلي"، وهيلي هي ابنة أتماس  بحسب أسطورة "الجُزّة الذهبية"، التي في إحدى تفاصيلها يقدم أخو هيلي الجزة الذهبية لملك كولشيدا (جورجيا حالياً) الجزة الذهبية عرفاناً بجميله في مساعدته بعد هروبه من بلاده مع شقيقته التوأم هيلي التي غرقت في المضيق الذي سمي باسمها تخليداً لذكراها.
لهذا المضيق سمات فريدة، فهو أشبه بالنهر، والإبحار فيه صعب للغاية، بسبب ضيقه من جهة، وتياراته السطحية أو السفلية من جهة أخرى، لذا فهو من بين أكثر المضائق خطورة.


لهذا المضيق أهمية استراتيجية على مر الزمان. حيث جرت بعض معارك حروب طروادة على شواطئه، فقد كانت مدينة طروادة قريبة من المدخل الغربي للمضيق. وقد عَبَرَ المضيقَ جيشُ الاسكندر المقدوني باتجاه الشرق عام 334 قبل الميلاد. وقبله، عبرَ جيشُ أجزركسيس الأول ابن داريوس الفارسي عام 480 قبل الميلاد باتجاه الغرب مستخدماً جسوراً بناها بهدف العبور. ولكن بحسب المؤرخ هيرودوت، فقد دمرت العواصف هذه الجسور، وراح ضحية ذلك الكثير من الجنود، فقطع أجزركسيس رؤوس المسؤولين عن بنائها. وفي الحرب العالمية الأولى أرسل الحلفاء الغربيون قوة غزو كبيرة من البريطانيين والهنود والاستراليين. ولكن القوات التركية حاصرتها عند شواطئ شبه جزيرة غاليبولي التي تشكل الجانب الغربي للمضيق، وهذا ما أساء سياسياً إلى ونستون تشرشل الذي كان وراء استخدام البحرية الملكية في غزو المضيق. كان قائد هذه المعركة من الطرف التركي مصطفى أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية.
كان الدردنيل حيوياً في الدفاع عن القسطنطينية أثناء الفترة البيزنطية. 

أصبح هذا المضيق تحت السيادة التركية منذ القرن الرابع عشر. واعتبرت معاهدة مونترو لعام 1936 المضيق ممراً للسفن الدولية، ولكن تركيا استبقت لنفسها حق السماح بمرور سفن ليس لها شواطئ على البحر الأسود، مثل اليونان أو فرنسا مثلاً. 
يجري الإعداد حالياً لإقامة جسر معلق قرب مدينة جاناقال، وسيكون من أطول الجسور المعلقة في العالم.

هناك تعليقان (2):

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف