بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 مايو 2015

النسيج والنسيج الدمشقي



بعد أن تناولنا كيفية صناعة الخيط بالغزل، أصبح بالإمكان الحديث عن النسيج، وهو كما ذكرنا سابقاً تشابك خيوط طولية تسمى خيوط السَّدَى (الواحدة سداة وجمعها أسداء أو أسدية) مع خيوط عرضانية تسمى خيوط اللحمة. وهذا التشابك يمكن أن يكون في أبسط نماذجه على شكل تداخل خيوط اللحمة مع خيوط السدى بحيث يمر خيط اللحمة فوق خيط السدى ثم يمر تحت خيط السدى الثاني وهكذا كما يظهر ذلك في الشكل.

ولإنتاج نسيج أكثر متانة، تُشدُّ خيوط السدى إلى عارضة خشبية بحيث تكون خيوط السدى متقاربة، ثم يمرر خيط اللحمة، مرة فوق ومرة تحت خيوط السدى، وترصّ خيوط اللحمة بحيث تصبح أكثر قرباً من بعضها، وقد يكون هذا الرص بواسطة أداة خاصة بذلك تسمى غالباً بالمشط. كما يمكن أن يكون النسج بواسطة أداة تسهل حركة خيوط اللحمة بين خيوط السدى، وهذه الآلة تسمى "النول". وفي النول يدفع بخيط اللحمة بواسطة المكوك وترص هذه الخيوط بواسطة المشط، وتتم المباعدة بين خيوط السدى لتمرير مكوك اللحمة بواسطة الشبكة التي يمكن تحريكها بواسطة القدم.


القماش الدمشقي
يمكن للنسج أن يكون خيط للحمة يمر فوق خيط للسدى ويمر من ثم تحت خيطين للسدى متجاورين، ويمكن أن يكون بأشكال مختلفة، إما لإظهار أشكال منسوجة على إيقاع تمرير خيوط اللحمة مع خيوط السدى، أو لإنتاج قماش بخواص محددة مثل المتانة. والنسيج الذي ترسم فيه أشكال بالتنويع بين كيفية تمرير خيوط اللحمة مع خيوط السدى نسميه عالمياً بنسيج دمشق الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر ميلادي. كما يمكن تشكيل رسوم معقدة وذات ألوان مختلفة باستخدام خيوط مختلفة الألوان في اللحمة وتغيير في طريقة التشابك مع السدى وفق الرسم المراد إنتاجه. وعند استخدام خيوط الحرير في مثل ذلك يسمى النسيج الناتج بقماش البروكار الذي اشتهرت بإنتاجه مدينتي دمشق وحلب السوريتين؟

بقيت صناعة النسيج يدوية، باستخدام أنوال تقليدية، على مدى آلاف السنين، وبقيت كذلك حتى القرن الثامن عشر عندما بدأت عمليات مكننة الأنوال وكذلك مكننة الغزل وإنتاج الخيوط. وكانت صناعة النسيج بذلك أولى صناعات الثورة الصناعية.

قماش البروكار
احتاجت هذه الصناعة لكميات خيوط كبيرة، لذا نشطت زراعة القطن بدءاً من القرن الثامن عشر في دول كثيرة مثل الولايات المتحدة والهند ومصر. وكذلك زراعة القنّب، الذي لا يستخدم كثيراً في صناعة الملابس وإنما في القماش لاستخدامات مغايرة. وكان الأمر نفسه بالنسبة للخيوط الحريرية.
ولسد الحاجة على الطلب المتزايد للملابس أنتجت الخيوط الصناعية التي تُمزج أحياناً مع الخيوط الطبيعية لإنتاج أقمشة بمواصفات محددة، مثل معاطف مقاومة للماء، أي لا تبتل بالماء بسرعة كما هو الحال في الملابس المصنوعة من قماش مؤلف من خيوط القطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق