بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 مايو 2015

الجامد والمتصرف... لغة عربية



من كتاب "الموجز في قواعد اللغة العربية" للمرحوم سعيد الأفغاني. 

أكثر الأفعال له ثلاث صيغ: الماضي والمضارع والأمر، مثل: كتب وقرأ وعلم الخ. فهذه الأفعال متصرفة تامة التصرف، نقول منها: كتبَ يكتبُ اكتبْ...الخ. ومنها ما لا يأتي منه إلا صيغتان: الماضي والمضارع فقط، كأفعال الاستمرار: ما زال ما يزال، وما برح وما يبرح وأخواتهما: انفك، فتئَ، وكاد وأوشك من أفعال المقاربة. وليس من هذه الأفعال صيغة للأمر، فهي ناقصة التصرف.

ومنها ما يلازم صيغة واحدة لم يأْت منه غيرها، فهذا هو الفعل الجامد. فإما أن يلازم صيغة المضيِّ مثل: ليس، عسى، نعم، بئس، ما دام الناقصة، وكرب من أفعال المقاربة، وأفعال الشروع، وحبذا، وصيغتي التعجب وأفعال المدح والذم، وإما أن يلازم صيغة الأمر مثل: هب بمعنى (احسِب) وتعلَّمْ بمعنى (إِعلم) فليس لهما بهذا المعنى مضارع ولا ماض.


ومعنى الجمود في الفعل عدا ملازمته الصيغة الواحدة: عدم دلالته على زمن، لأنه هنا يدل على معنى عام يعبر عن مثله بالحروف، فالمدح والذم والنفي والتعجب، معان عامة كالتمني والترجي والنداء التي يعبّر عنها عادة بالحروف، ولزوم الفعل حالة واحدة جعله في جموده أشبه بالحروف، ولذا كان قولك: (عسى الله أن يفرج عنا) مشبهاً (لعل الله يفرج عنا). ولا يشبه الفعل الجامد الأفعال إلا بدلالته على معنى مستقل واتصال الضمائر به، فنقول: ليس وليسا ولستم وليست ولستُ كما تقول عسيتم وعسى وعسيتنَّ إلخ.

ومن النحاة من يلحق بالأفعال الجامدة (قلَّ) و(كثُر) و(شدّ) و(طال) و(قّصُر) في مثل قولنا: (قلّما يغضب أخوك وطالما نصحته، وشد ما تعجبني الكلمة في موضعها، وطالما تغاضيت) والحق أنها أفعال متصرفة وأن (ما) فيهن مصدرية، وفاعلها المصدر المؤول منها ومن الفعل بعدها، والتقدير في الجمل السابقة: (قلَّ غضبُ أخيك وطال نصحي له... الخ) فلا داعي لعدها من الأفعال الجامدة لا في المعنى ولا في الاستعمال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق