بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 13 مايو 2015

اقتصادٌ لا مال فيه ودولةٌ لا سوق فيها!!

قام شعوب الإنكا بإنشاء أكبر وأغنى امبراطورية في أمريكا الجنوبية قبل الغزو الاسباني لها في القرن السادس عشر، ولكنهم بخلاف جيرانهم من الأزتيك والمايا الذين كانوا يستخدمون منتجاتهم من حبوب الفاصولياء والمنسوجات في البيع والشراء، لم يكن التبادل التجاري جزءاً من اقتصادهم ولم يكونوا يستخدمون المال.

اعتمد اقتصاد هذه الامبراطورية على نظام ضريبي محكم وصارم لا يطالِبُ سكانَ الامبراطورية بسداد الأموال بل بتقديم عمل بدني تعتمد عليه الدولة في تسيير أعمالها. أُطلِقَ على هذا النظام اسم Mit’a أي “المناوبة” وتطالب الدولة بموجبه كل بيتٍ ـ ما عدا بيوت النبلاء ـ بأن يؤدي أحد ذكوره أعمالاً للدولة لفترات محددة تبلغ أحياناً ثلثي السنة.

اعتمدت الامبراطورية على عاملي “المناوبة” في تشييد الأبنية والمنشآت والقصور وبناء شبكة الطرقات الواسعة التي تصل أنحاء الامبراطورية ببعضها البعض إضافة إلى إصلاح الطرق والجسور وبناء المصاطب الزراعية وحفر أقنية الري وإعداد الأراضي للزراعة ثم نقل المنتجات الزراعية إلى كافة أنحاء الامبراطورية.



أما الحكومة فهي تسد كل متطلبات الحياة الأساسية لسكانها من مأكل ومسكن وملبس وأدوات ضرورية، وتدير عملية تبادل المنتجات بين المناطق المختلفة من الامبراطورية وتتكفل بالشيوخ والمرضى وتنفق عليهم من الفائض في الإنتاج، ويحدث كل هذا دون أي تبادل نقدي، ولم يكن المال في الحقيقة لينفع السكان إذ لا وجود للأسواق والمحال التجارية ولا تجار يبيعون ويشترون ويربحون والدولة هي المتحكم الوحيد بالمبادلات كلها.

ولا يعني هذا أن مجتمع الإنكا لم يكن يُقَدِّرُ الثروات المدفونة تحت أراضيه من ذهب وفضة ولكنه استخدم هذه المعادن الثمينة في طقوسه الدينية واعتبر الذهب (عَرَقَ الشمس) والفضة (دموعَ القمر).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق