بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 يونيو 2016

خلايا الدودة التي عادت إلى صباها



 
نشرت مجلة "أيض الخلية" Cell Metabolism الأمريكية خبراً عن الدودة الخيطية إيلغانس Caenorhabditis elegans مفاده أنه يمكن توقيف نمو هذه الدودة لفترة ومن ثم جعلها تتابع حياتها بطريقة طبيعية. هذه الدودة هي إحدى نجوم مخابر البيولوجيا بسبب معرفة الباحثين بكيفية تطورها ولعمرها القصير الذي لا يتعدى الأسبوعان وهذه سمة مفيدة في دراسة مسألة الشيخوخة، ولكونها شفافة مما يسهل مراقبتها تحت المجهر. أبدت هذه الدودة ميزة أخرى هي أنها بعد ولادتها، يمكن وضعها وهي في طور اليرقة، في حالة سبات بإيقاف الطعام عنها، ويتوقف مع هذا نموها كيرقة ولها أن تبقى في هذه الحالة لأكثر من شهر، وهي تتابع تحركها ولكنها تبقى يرقة. وعند معاودة إطعامها، تتابع الدودة حياتها من حيث توقفت لتكمل حياة مدتها أسبوعين، أي أن هذه الدودة توقفت عن التقدم بالعمر أثناء فترة السبات هذه، وهذا هو اللافت في الموضوع. وهذا التوقف لم يكن نتيجة تبريد الدودة إلى جوار الصفر المطلق (-273 درجة) وإنما بإيقاف طعامها المباشر.
وفي خلال هذه التجربة ظهر أن خلايا هذه اليرقة كانت تسير على طريق الشيخوخة وأخذت بالضعف إزاء أي إجهاد وتراكمت داخلها نفاياتها. ولكن عند تقديم الطعام المفضل لهذه اليرقات، وهو بكتيريا، عاودت اليرقات النمو وتخلصت خلاياها من كل علامات الشيخوخة إلا واحداة وهي الخاصة بتكدس البروتين. أي أن الخلية استعادت شبابها. وهذا ما قاد إلى تحديد المورّث المسؤول عن إنتاج بروتين له دور تنظيم الدفاع عن الخلية في حالة الإجهاد والتعب. وهذا المورث موجود لدى الإنسان وبوظيفة مماثلة.

مثل هذه الأبحاث تفيد في فهم الشيخوخة. ومثل هذه النتيجة تفيد في أن الشيخوخة ليست أمراً خطياً، على مستوى الخلية على الأقل، ولكن يمكن للشباب والشيخوخة أن يتعاقبا وفق حلقات. وقد بينت تجارب حديثة أن الفئران المعمرة التي تحقن ببلازما دم (وهو السائل الذي تتعلق فيه الخلايا الدموية) فئران شابة فإن بعض أعضاء الفئران المعمّرة تأخذ في إظهار علامات الشباب. وهذا يعني أنه بدلاً من مواجهة أمراض الشيخوخة فمن الأفضل مواجهة آليات الشيخوخة نفسها التي تؤدي إلى هذه الأمراض. 

ومع هذا فإننا لا نعرف حتى الآن كيف تشيخ الخلايا، فنحن نرى العلامات ولكننا نجهل الأسباب حتى الآن. وهو ما حصل في حالة الدودة السابقة. وعلى حد قول أحد الباحثين في هذا المجال فهي "مثل القاتل الغامض الذي لا نعرف منه سوى توقيعه"، ولكن ليس هذا سوى بداية الطريق إلى اكتشاف القاتل

بقي أن نقول إن جزءاً من هذه الأبحاث تديرها وتمولها  شركة كاليكو لعلوم الحياة التابعة لغوغل!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق