بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 13 يونيو 2016

الجنس الثالث!



اعتدنا على وجود جنسين، ذكر وأنثى، لدى الكائنات جميعاً، ولكن في الواقع فإن الأمر مختلف. فهناك أكثر من جنسين، ولدى بعض الكائنات الحيّة خمسة أجناس. وهناك من يقول إن الإنسان أيضاً لديه خمسة أجناس وفقاً لتصنيف ما.
ولكن الجنس الثالث لدى الإنسان يأخذ مظاهر مختلفة. فهناك من لا يمكن تحديد جنسه عند الولادة، بسبب عدم وضوح أو اكتمال أو غموض في الأغضاء التناسلية (intersex). مما يتطلب عملاً جراحياً لجعل هذا المولود ذكراً أو أنثى. ولكن في أغلب الأحيان يؤدي هذا إلى تصنيف اجتماعي دون أن يكون تصنيفاً بيولوجياً. فهؤلاء في الأغلب لن يكونوا قادرين على التكاثر. وهم لأسباب هرمونية وصبغية ليسوا ذكوراً ولا إناثاً. وهناك جمعيات تتدخل لحماية هؤلاء والاعتراف بهم كنوع ثالث. وتقاوم هذه الجمعيات منذ عقدين إجراء العمليات المبكرة وترك الأمر لهؤلاء الأشخاص لتقرير ما يريدون عندما يصبحون بالغين. وبالفعل فإن بعضهم مع بلوغ سن المراهقة يتطور الأمر لديهم ويتحدد جنسهم بطريقة نهائية، وبعضهم وربما أغلبهم، يبقى بلا تحديد.من أشهر هؤلاء من الشخصيات المعروفة، بطلة سباق الجري لمسافة 800 متر "كاستر سمنيا"، من جنوب أفريقيا، التي شاركت وفازت في البطولات العالمية في برلين عام 2009، ولقبول مشاركتها خضعت لفحص طبي سمح بتصنيفها كامرأة بالرغم من مظهرها الخارجي. ونسبتهم في العالم ليست بالقليلة، ومع أنه لا توجد إحصاءات دقيقة لكن بعض المنظمات تؤكد على أن نسبتهم أكبر من 1% وإن كان آخرون يقولون بأنها أقل من ذلك.

نوع آخر من الجنس الثالث هو الذي يولد محدد الجنس ولكن مظهره لا يسمح بمعرفة جنسه. يطلق عليه بالإنكليزية اسم androgen، وهي كلمة من أصل إغريقي، نصفها الأول يعني ذكر ونصفها الثاني يعني امرأة. ويحاول هؤلاء أن يعترف بهم كجنس ثالث، وأحياناً كجنس بين الجنسين. ومن أشهر المعاصرين من هؤلاء المغني الأمريكي الشهير مايكل جاكسون، والمغني والممثل البريطاني الشهير ديفيد بووي الذي توفي هذا العام. وهؤلاء ليست لديهم مشكلة بيولوجية من حيث التكاثر، فجنسهم محدد تماماً ولكن مظهرهم لا يتوافق مع جنسهم، وهم يعانون من مشكلة تصنيف اجتماعي ليس إلا.


ولدى الكائنات الأخرى في الطبيعة أصنافاً أخرى مختلفة. فمنها ما يحتوي على الذكر والأنثى في الوقت نفسه. فبعض النباتات تضمن أعضاء التكاثر لكلا الجنسين، أشهر مثال على ذلك هو التفاح. فزهرة التفاح تحتوي الذكر والأنثى (الأسدية والمدقات)، ولا يوجد سوى نوع واحد من زهور التفاح. كما أن الحلزون يتكاثر بنفسه، وليس فيه ذكر منفصل وأنثى منفصلة. أما السمك المهرّج Clownfish فيولد ذكراً ثم يتحول أكبرها فيزيائياً إلى أنثى. ولدى بعض الكائنات الأخرى أكثر من أنثى وأكثر من ذكر مختلفة عن بعضها. فلأحد أنواع العظاءة الشوكية التي تعيش في أمريكا الشمالية خمسة أنواع، ثلاثة أنواع من الذكور تختلف في لون حلقها وسلوكها، ونوعان من الإناث تختلف في لون حلقها أيضاً وعدد البيوض التي تضعها. واحدة منها لا تضع سوى بيضة واحدة، وأخرى تضيع عدة بيوض.


بقي أن نقول أن لا علاقة لكل ما ذكر بما يسمى "المثلية الجنسية"، وهي شيء آخر مختلف تماماً. في أسباب "المثلية" ما هو من منشأ اجتماعي وثقافي وما هو من منشأ بيولوجي، وإن بنسب متفاوتة، تؤثر في الميول الجنسية. وفي كل الأحوال فإن نظرتنا إلى النوع الجنسي، أياً كان شكله، هي ثقافية بالدرجة الأولى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق