بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 يونيو 2016

مشاكل محطة الفضاء الدولية




يتطلب بناء محطات الفضاء التصدي لتحديات كثيرة، مثل نقل المحطة إلى الفضاء بوزنها الكبير (400 طن)، وتأمين النقل بين المحطة والأرض لتغيير طاقم المحطة والقيام بعمليات الإمداد من أجهزة وطعام وشراب، وتأمين الاتصال بين الأرض والمحطة المتحركة بسرعة كبيرة (16 دورة حول الأرض في اليوم الواحد)، وحماية هذه العربة من عواقب الاصطدام بأي جسم خارجي الذي يمكن أن يؤدي إلى تخريب المحطة حتى لو كان حجمه صغيراً ولكنه يتحرك بسرعة كبيرة، وكيف سيعيش العاملون في هذه المحطة، أين سينامون، وكيف يمكن ألا يعانوا من مشاكل عند عودتهم إلى الأرض بعد العيش لفترة أشهر خارج الجاذبية؟
المخبر الياباني

ولكن أهم المشكلات التي تعترض بقاء المحطة في الفضاء هي مشكلة الحفاظ على سرعتها التي هي قرابة 28 ألف كم/ساعة، وإذا لم يتحقق ذلك فإن المركبة ستسقط إلى الأرض إذا انخفضت السرعة أو قد تذهب إلى الفضاء البعيد إن زادت السرعة عن ذلك! وسبب التغير في السرعة هو مقاومة جزيئات الهواء الموجودة على هذا الارتفاع (نحو 350 كم عن الأرض) التي ستؤدي إلى تناقص السرعة. وبما أن هذه الجزئيات ليست بكثرة جزيئات الغلاف الجوي القريب من الأرض، فهذا يعني أن المركبة ستكون بحاجة إلى دفع بسيط بين الوقت والآخر. الحل الممكن هو صاروخ دفع ولكن لهذا مخاطره. لذا استعيض عنه بتفاعلات كيمائيات تؤدي إلى إطلاق غاز يكون له فعل النفاث، يزيد من سرعة المركبة عند انخفاضها، وهو دون مخاطر وبكلفة زهيدة. وبالفعل فقد زودت المحطة بمثل هذه "الصواريخ" الكيمائية لضبط السرعة. وغير ضبط السرعة فهناك مسألة حفاظ المحطة على زاوية ميل محددة لتأمين أفضل تعرض للشمس بغية الحصول على الطاقة الشمسية اللازمة للمحطة، وهو ما يتم تأمينه عبر ما يسمى بالعجلات الجيروسكوبية.
رائد الفضاء روبنسون عند نهاية الذراع الميكانيكي الكندي
المشكلة الثانية الهامة هي تأمين الأوكسجين للتنفس داخل المحطة. وهذا يكون بتفكيك الماء كهربائياً. ولكن من أين يؤتى بالماء؟ وفي الواقع فإن عملية إعادة تدوير كبيرة تجري في المحطة. إذا يعاد تكثيف الرطوبة الموجودة في هواء المركبة والناجمة عن تعرق رواد الفضاء وتنفسهم وكل فضلات المياه وكذلك البول الذي يعاد استخلاص نسبة 98% منه كماء نقي. وكل هذا الماء يستغل في الحصول على الأوكسجين اللازم. ومع هذا فإن العربات الفضائية التي تتنقل بين الأرض والمحطة تجلب معها أقل قدر لازم من الماء.

أما كيفية حمل المحطة إلى الفضاء فقد ابتكر الروس طريقة تجميع أجزاء المحطة في الفضاء، حيث تُنقل أجزاء المحطة إلى الفضاء، الواحد تلو الآخر، ويقوم رواد الفضاء المزودين بلباس خاص يتضمن ما يلزم للبقاء ساعات في الفضاء الحر والقيام بعمليات التجميع، وكذلك الصيانة الخارجية. ذلك أن درجة حرارة الجو خارج المحطة تتغير بين 130 درجة إلى -130 درجة!
رائدا فضاء يعملان على العارضة الرئيسية

أما تأمين الاتصالات مع المحطة/المحطات الأرضية، فقد اعتمد في البداية على 11 محطة اتصال أرضية، ولكن المشكلة هي أن المحيطات أوسع من اليابسة، لذا أضيفت سفنٌ للاتصال، ولكن سرعة المحطة الفضائية كانت أكبر مما يمكن لسفينة أن تسمح به من اتصال مستمر. لذا استعيض عن السفينة بثمان طائرات تغطي الاتصال مع المحطة بشكل دائم. ولكن يستخدم اليوم شبكة من الأقمار الصناعة (9 أقمار) التي تبعد عن الأرض بآلاف الكيلومترات.

أما احتمال تعرض المحطة الفضائية الدولية لمخاطر الاصطدام بأي جسم بسيط فهو كبير إذ يوجد أكثر من 100 ألف قطعة من بقايا أقمار صناعية تملأ الفضاء. فحبة رمل مثلاً تسير بسرعة كبيرة يمكن أن تخترق جسد المركبة الفضائية! لذا أضيف جدار واق للمركبة مع وسيط عازل مثل المواد الواقية من الرصاص، بحيث إذا اصطدمت المركبة بأجسام صغيرة فقد تتحطم منطقة من الجدار الخارجي دون الداخلي. ومن هنا ضرورة صيانة المحطة خارجياً بين وقت وآخر.

بقي أن نقول إن حياة رواد الفضاء داخل المحطة هي حياة مختلفة عن تلك على سطح الأرض سنروي بعضاً من جوانبها في المقال القادم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق