من بين مجالات كثيرة تتطور فيها التكنولوجيات وتصبح أدوارها محورية مثل الطب
والاتصالات والمواد والإلكترونيات والوراثة وهندستها وغير ذلك، إلا أن مجالاً
واحداً يثير الآن تساؤلات متزايدة هو مجال الإنسان الآلي مترافقاً مع الذكاءالصنعي. وهذا المجال قد يفضي إلى كوارث يصفها البعض بأنها أخطر من السلاح النووي
على مستقبل البشرية.
من بين السيناريوهات المعقولة الآن هو وصول الإنسان الآلي إلى مستوى ذكاء
أعلى من مستوى ذكاء الإنسان البشري، وفي هذه الحالة فسيكون من المحتمل أن يتراجع
الإنسان إلى الصف الثاني أمام الإنسان الآلي، هذا إن لم يقم الثاني بتدمير الأول
والتخلص منه في سعيه للحصول على حريته.
متى يمكن الوصول إلى ذلك؟ يمكن الوصول إلى ذلك عندما يبدأ الإنسان الآلي
بوعي نفسه. أي عندما يبدأ بالتعبير عن نفسه ويشعر بأفعاله. فالآلة التي كسبت في
السابق بطولة الشطرنج لم تعبّر عن فرحها بهذا الانتصار ولم تعيه، وحتى لم تتعلم من
لعبتها ضد غاسباروف، بمعنى أنها كانت ستعيد الأخطاء نفسها. أما الآلة التي ربحت
لعبة الـ"غو"، فهي الأخرى لم تهنئ نفسها بربح بطولة العالم وبطريقة
ساحقة، ولم تعبر عن بهجتها بهذا الفوز، ولكنها تعلمت من مبارياتها السابقة. فقد
تحسن أداؤها بين مبارياتها الأوروبية ومبارياتها العالمية (ضمن فترة ستة أشهر)،
وهو في تحسن دائم ولا أمل للإنسان اليوم أن يتوفق عليها.
ولكي تتمكن هذه الآلة من وعي نفسها، الذي سيكون بفضل برمجة الإنسان لها
بحيث تتمتع بهذه القدرة، وهو أمر ممكن من حيث المبدأ. وإذا حدث هذا فمن هنا
الخطورة. عندها ستكون هذه الآلة قادرة على أن تتعلم من تلقاء نفسها وأن تختزن قدراً هائلاً
من المعلومات والمعارف، وأن تستفيد من ذلك، وأن تكون قادرة على التمييز بين
أفعالها مما هو "حسن" وما هو "أحسن" بالنسبة لها. وأول الأمور
أن تبحث عن الحفاظ على نفسها، أي البقاء لها. وهذا ما يسمى حالياً بـ"الذكاء
الصنعي" الشديد.
هناك من يقول باستحالة ذلك، وهناك من يقول بأن هذا ممكن، وهناك شركات كبيرة
مثل غوغل وأمازون وفيسبوك تستثمر المليارات في هذا الخصوص. وهي إن تفعل فإنما
لأنها تجد في ذلك فرصة للتوسع في أعمالها، تبدأ من إنتاج إنسان آلي لمهمات محددة
تحتاج إلى نوع من الذكاء مثل: الاعتناء بكبار السن أو الاعتناء بالأطفال أو أعمال
التمريض أو إيصال الطرود البريدية وغير ذلك كثير.
إلا أن من يقولون باستحالة هذا الأمر فإنما يعزون ذلك إلى استحالة تقليد الدماغ
البشري بمئات ملياراته من العصبونات وطريقة عملها التي لا تزال مجهولة. فحتى الآن لا
نعرف الآلية التي يستطيع بواسطتها الإنسان التمييز بين الوجوه وتعرّفه على وجه
مألوف بين مئات الوجوه عندما نسير في الشارع مثلاً. ولكن من يقولون بإمكانية ذلك
فإنما يعولون على التطور الجاري في الحوسبة، فتعلم المشاعر يحتاج إلى قدرات حسابية
هائلة لا تستطيعها الحواسيب الحالية، ولكن الحواسيب الكمومية سيكون لها مثل هذه
القدرة، وطريق الوصول إلى هذه الحواسيب لا يزال مفتوحاً والعمل فيه يسير قدماً.
بقي أن نقول إن رد المتفائلين على المتشائمين بخصوص سيطرة الإنسان الآلي
على الحياة، هو أن يتحكم الإنسان بفيروس برمجي يطلقه على هذه الآلات إن أساءت
التصرف فيهدم برامجها بالكامل وينقذ البشرية، ويرد الآخرون بأن أول شيء ستقوم به تلك
الآلات هو أن تخلق نسخة احتياطية عنها!
يقدم فيلم شابي Chappie الذي أخرجه نيل بلومكامب في عام 2015 صورة خيال علمي عن الموضوع، ويمكن رؤية عينة من ذلك على الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=pG8mCC1ZQ1g&list=PLgUOev9qnJpilw_r2jBP_ISFwKegMS1-k&index=1
يقدم فيلم شابي Chappie الذي أخرجه نيل بلومكامب في عام 2015 صورة خيال علمي عن الموضوع، ويمكن رؤية عينة من ذلك على الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=pG8mCC1ZQ1g&list=PLgUOev9qnJpilw_r2jBP_ISFwKegMS1-k&index=1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق