بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 يناير 2017

الحكم بالإعدام ...الحكم الذي لا يمكن تصحيحه يقتضي قاضياً لا يخطئ!



كيوام أجاميو مع القاضية باميلا باركر بعد النطق بحكم البراءة

مثل هذا الحكم يقتض بالدرجة الأولى محاكمة عادلة بشكل مطلق، وهو أمر متعذر، ذلك أن القضاة بشر، وككل البشر فهم عرضة للأخطاء. وكم مرة حدثت أخطاء بحق أناس اكتُشف بعدها أن ظلماً وقع عليهم، البعض دفع الثمن حياته مباشرة، والبعض الآخر ضاعت حياته بالكامل. كحال الأمريكي كيوام أجاميو الذي حكم عليه بالإعدام عام 1973 وكان له من العمر 17 عاماً، دون أن ينفذ فيه الحكم. ولكنه أمضى 40 عاماً في السجن لتُكتشف براءته بعد ذلك. وكانت هذه حال قرابة 150 محكوماً بالإعدام في أمريكا في الأربعين سنة الأخيرة. فهل يمكن تعويض هؤلاء بأي شيء؟ وهل يمكن تعويض ما لقيه ذويهم من إهانة أو شعور محبط هدام؟ 

وفي عام 2007 وافقت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على دعوة إلى تعليق تنفيذ الحكم بالإعدام. ومع أن هذا القرار ليس له قيمة إجبارية على الدول، ولكنه يظهر على الأقل أن غالبية الدول ترغب في وضع عقوبة الإعدام موضع تساؤل، إلا أن الدول الأكثر سكاناً صوتت ضده. وأعيد التذكير بالدعوة عام 2014. أما المعاهدة الدولية للحقوق السياسية والمدنية الصادرة عن الجمعية العمومية عام 1966 فتعترف بعقوبة الإعدام على ألا تفرض على من عمره أقل من 18 عاماً، وألا تنفذ بامرأة حامل، وألا تصدر إلا في حالة الجرائم الفظيعة، وأن تكون هناك دائماً إمكانية استبدالها بعقوبة أخرى. بعض الدول توقف تنفيذ الحكم بالإعدام بمجرد رفع دعوى ضد الحكم، وبعض الدول الأخرى توقف تنفيذ الحكم تلقائياً بعد عدة أشهر من صدوره وعدم تنفيذه، ذلك أن آلام انتظار الموت كافية كعذاب للجاني، ويستعاض عنها بالسجن المؤبد. وبعض الدول الأخرى تسقط حكم الإعدام إذا تجاوز عمر المتهم حداً معيناً.

الدول الأكثر إعداماً في عام 2013 هي الصين (عدة آلاف) تليها إيران (369 على الأقل) ثم العراق (169) ثم السعودية (79) ثم الولايات المتحدة (39)، وكان أقلها الهند (1). وأنه حتى ذلك العام فقد بلغ عدد الدول التي لا تطبق عقوبة الإعدام 140 دولة من أصل 198 دولة، ولكن 60% من الناس يعيشون في دول لم توافق بعد على إلغاء هذه العقوبة، من أهمها الصين والهند والولايات المتحدة وإندونيسيا.

بقي أن نؤكد أن زعم الردع لا سند له كما ظهر في حالة الدول التي ألغت العقوبة، وأن الجريمة تعود في أهم أسبابها إلى الحالة العقلية والاجتماعية الاقتصادية للمجرم. نسبة 48% من أحكام الإعدام في الولايات المتحدة تصدر بحق السود، مع أنهم لا يمثلون سوى 12% من عدد السكان، وهم من فقرائها الأكثر، آخذين بالحسبان أن القضاة يترددون كثيراً بإصدار عقوبة الإعدام بحق السود خشية اتهامهم بالتمييز العنصري... وذلك على عكس الصورة السائدة! ويبقى أن إعدام مظلوم هو أكثر سوءاً من وقف تنفيذ الإعدام بحق ألفي محكوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق