بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 يناير 2017

أحد الوجوه الرمادية لتقانة المعلومات والاتصالات



وهي التقانة المتصلة بالحواسيب وشبكاتها والاتصالات، التي تسمح لنا بالتواصل وتبادل المعلومات والبحث عنها، والمراسلة الإلكترونية والترفيه والاتجار وقضاء الأعمال بمعناها الواسع، وأشياء كثيرة حتى لأصبحت جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه في أي نشاط، كما هو الحال بشكل جلي في الدول المتقدمة. وبالرغم من فضائل هذه التقانة إلا أن لها، كحال معظم التقانات، وجهاً سلبياً. ولكن بعد رسوخ استخدام تقانة ما يصبح السؤال عن: كيف يمكن محاربة أو مقاومة ذلك الوجه السلبي؟ بعض الوجوه السلبية يمكن أن يكون اجتماعياً، وهو أمر كان التكيّف معه ممكنناً دائماً. لكن وجوهاً أخرى مثل الوجه البيئي، كانت كلفته عالية في بعض التقانات. وتقانة المعلومات والاتصالات ليست بعيدة عن ذلك.

فأجهزة تقانة المعلومات والاتصالات لها عمر محدود، إما لاستهلاكها أو لانقضاء طرازها وعدم توافقه مع تقانات أخرى مرافقة، مما يجعل التخلص منها أمراً لا مفر منه. وهي وبما تحتويه من مواد بلاستيكية ومعدنية وكيمائية تسبب تلوثاً بيئياً من طرف، هذا غير ما تسببه من استهلاك لمواد طبيعية ستنضب يوماً بالضرورة. كما أن الأجهزة الخاصة بهذه التقانة تستهلك طاقة لا بأس بها لأن الكثير منها يعمل بلا توقف، مثل جهاز الاتصال بالإنترنت، أو أجهزة الاتصال المحمولة، التي تعمل باستمرار حتى عندما تكون في حالة تأهب لاستقبال شيء أو إرسال شيء آخر. كذلك أجهزة الطباعة والتصوير التي تستهلك بعض الطاقة حتى وإن كانت بحالة انتظار.


أظهرت دراسة أعدتها وكالة البيئة وترشيد الطاقة الفرنسية، بأن إرسال 33 رسالة إلكترونية كل منها بحمولة 1 ميغا بايت لشخصين يومياً وعلى مدى سنة يحتاج إلى طاقة تؤدي إلى انبعاث 180 كيلو غرام من ثاني أوكسيد الكربون. وهذه الطاقة تستهلك عبر الأسلاك والتجهيزات الكائنة بين المرسل والمستقبلين، وهي تجهيزات عديدة والمسافة قد تكون طويلة جداً. هذه الكمية من ثاني أوكسيد الكربون تعادل ما ينبعث من سيارة عادية تسير لمسافة 1000 كم. طبعاً هذه الحالة لا تخص الكثير من الناس، ولكنها أمر عادي في الشركات التجارية. كما أن البحث عن معلومات يستهلك طاقة لا بأس بها. فقد كشفت هذه الدراسة أن الفرنسيين يستهلكون من الطاقة سنوياً في عمليات البحث تؤدي إلى انبعاث من ثاني أوكسيد الكربون بما يكافئ ما تصدره سيارة تسير لمسافة 1.5 مليون كيلومتر! كما أن إرسال رسالة إلكترونية واحدة تحمل ملفاً مرفقاً تستهلك من المواد (أسلاك وبلاستيك وغيرها من التوالف) ما يكافئ 7.5 غرام من الحديد!

تنصح الدراسة بالحد من الاستخدام إلا في الحالات الضرورية، واستخدام وسائل تسهل البحث ومن ثم توفير الطاقة. مثلاً باستخدام قوائم التفضيلات التي تسمح بالذهاب إلى الهدف أثناء البحث عن معلومة بدون اللجوء إلى محركات البحث. وكذلك بعدم ترك الأجهزة في حالة عمل إذا لم تكن من حاجة لذلك بالرغم من الشعور بأنها لا تستهلك الكثير من الطاقة، ولكن عند أخذ حالة بلد أو بلدان العالم بالاعتبار فيكون الاستهلاك كبيراً. كذلك الأمر بالنسبة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الذي يجب أن يكون محدوداً وللضرورة. إذا يجب أن يكون حاضراً في الذهن مقدار الطاقة المستهلكة على مستوى العالم، فكل منشور سيذهب إلى كل الأصدقاء. وبما أن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي هو من مرتبة المليارات، فإن الاستهلاك الضائع للطاقة يكون كبيراً وخطيراً على البيئة.


بقي أن نقول إنه من الصحيح أن تقانة المعلومات والاتصالات قد وفرت الكثير من الطاقة التي كانت تصرف أساساً في التنقل، كما أنها وفرت استخدام الكثير من الورق، وهذا كله لصالح البيئة. وعليها أن تكون كذلك في استهلاك الطاقة بحيث يكون الوفر الإجمالي أكثر من واضح!... يجب أن نعرف أن كل ضغطة على أحد مفاتيح الحاسوب لها مكافئ طاقي ضار بالبيئة، خاصة عندما نأخذ بالاعتبار بأن هناك مليارات المفاتيح التي تضغط في كل دقيقة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق