بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 يناير 2017

لغات بدائية... البيراها



تتطور اللغات بتطور أنشطة متحدثيها وتطور علاقاتهم مع اللغات الأخرى بما يسمح بتشذيبها وبتحسينها سواء على مستوى المفردات أو التعابير والقواعد ربما. كما أن معاني المفردات يمكن أن تتطور مع الزمن. ولكن في لغات أخرى بقيت أنشطة متحديثها مقصورة على البحث عن الغذاء من صيد وقطف ثمار، وبقائهم معزولين، مما أبقى هذه اللغات في طور واحد هو الطور البدائي.

من بين هذه اللغات لغة البيراها. والبيراها هو شعب يعيش في غابات الأمازون في البرازيل عند شاطئ نهر الميسي، ولا يزيد عددهم عن 150 شخصاً في عام 2004. لهم لغة من بين لغات مماثلة انقرضت، إلا هذه اللغة الوحيدة الباقية. وهي لا تخشى الانقراض الفوري لأن متكلميها لا يتكلمون لغة غيرها. عكف على دراستها وتدوين قواعدها عالم اللغة والأنثروبولوجيا الأمريكي دانيل إيفرت.

لا يوجد أي نوع من الأدب المكتوب أو الشفهي في هذه اللغة وليس للبيراهيين أساطير خاصة بالخلق أو بالحياة، والنصوص الشفهية المتوفرة هي وصف لتجارب معاشة حديثة تمتد لجيل أو اثنين، ولا يبدو أن لهم ذاكرة جمعية تتعدى فترة الجيلين.
عدد الأصوات في هذه اللغة نحو عشرة أصوات يمكن مقابلتها بعشرة أحرف من الحروف اللاتينية، ولبعض هذه الأصوات أن تُلفظ بثلاث نغمات. ولا يوجد في هذه اللغة أرقاماً إلا ما يُظن بأنه الرقم واحد والرقم اثنين. أو صفات مثل قليل وكثير للدلالة على الكمية. كذلك الأمر بالنسبة للألوان، فلا كلمات تدل على الألوان، وهناك فقط شيء غامق قاتم وآخر شفاف فاتح. أما الضمائر فتقتصر على: أنا، أنت، هو، هي. ومن هذه يمكن تشكيل "نحن" بالقول: أنا هو! وتتضمن هذه اللغة كلمة واحدة للأب والأم، وكلمة للإشارة إلى الأخ وأخرى إلى الأخت. ولا توجد كلمات أخرى لتوصيف قرابات أخرى. ولا يوجد الماضي كزمن في هذه اللغة، ولا يوجد تمييز في الكلمات بين المفرد والجمع.

وأياً ما كان، فلا يبدو أن عدم وجود أرقام في هذه اللغة يمنع متحدثيها من تقدير الكميات وتبادلها على نحو صحيح، كما أنهم لا يعانون من نقص في التعبير عما يجول بخاطرهم بالرغم من نقص مفرداتهم! ولا يبدو أن البراهيين كانوا من بين الشعوب التي تفرقت قبل الانتهاء من بناء برج بابل قبل اكتماله... ولكن كيف يصف هؤلاء شيئاً مثل "قوس قزح" ولا كلمات تدل على الألوان؟ ولكن هل نحتاج إلى تسمية الألوان للتعبير عن قوس قزح!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق