يحتاج ضعاف البصر للغة كتابة
تمكنهم من التواصل مع العالم الخارجي واكتساب المعارف كما كل الناس. ولما كانت
الكتابة والكتب هي الوسيلة الأكثر انتشاراً في حمل المعارف، لذا كان لا بد من
توفير وسيلة قراءة خاصة بهم تستند إلى حاسة أخرى غير البصر. والحاسة الأنسب في هذه
الحالة هي اللمس أو السمع. ولكن السمع يقتضي توفر وسيلة قراءة بصوت مسموع. كانت
هذه الوسيلة شخصاً بكل ما في ذلك من جهد على القارئ وإحراجاً للمستمع الذي يريد أن
يكوم مستقلاً عن الآخرين في قراءة ما يريده، وبالخصوصية التي يريدها.
فكر كثيرون في إيجاد وسيلة لمسية تمكنهم من
القراءة، كان من أولهم زين الدين الأمدي المتوفي في بغداد في القرن الرابع عشر، وكان كفيفاً. فقد
تحدث عن نظام ترميز للكلمات والألوان يعتمد على بذور الفواكه! ولكن لا يتوفر معلومات
عن نظامه أكثر من أنه كان يستعمل قصاصات ورقية مفتولة يضعها في الكتب التي كان
يبيعها، يستدل منها على ثمن الكتاب واسمه وخطوطه وخلاف ذلك من معلومات. وفي عام
1809 اخترع الفرنسي دولاسير نظام كتابة ليلية يسمح للضباط بكتابة وقراءة رسائل
مشفرة في الظلمة وذلك بتميز الأصوات (وليس الحروف) بالاستناد إلى نقاط نافرة توضع
على شبكة بحيث يخصص لكل صوت عمودان وستة أسطر، يمكن وضع النقاط على
تقاطعاتها لترميز نحواً من 36 صوتاً. وانتبه بعد عشر سنوات إلى أن نظامه هذا يصلح
أيضاً لضعاف البصر. كان من بين المتحمسين إلى هذا النظام الطالب لويس بريل وكان له
من العمر 12 عاماً. كان بريل قد تعرض إلى إصابة أفقدته بصره في مشغل أبيه وهو في الثالثة
من العمر. كان شديد الذكاء، تفوق في مدرسته في الرياضيات والأدب.
وما قام به بريل كان تعديلاً جوهرياً. فهو
انتقل إلى ترميز الحروف وليس الأصوات. وبذلك كان قادراً على تمثيل الحروف والأرقام
وعلامات التنقيط وحتى العلامات الموسيقية. التطوير الثاني هو أنه جعل لكل محرف
شبكة من عمودين وثلاثة أسطر يضع النقاط النافرة على تقاطعاتها، وهذه النقاط يمكن
تشكيلها على نوع خاص من الورق. ويمكنه بذلك ترميز 63 محرفاً، أما الشبكة التي لا
تحتوي على نقاط فهي ترمز إلى فراغ يستعمل بين كلمتين مثلاً. وللترميز أن يختلف من
لغة إلى أخرى.
بقي أن نقول إن:
1. عدد ضعاف البصر في
العالم يزيد عن 285 مليون شخص، من بينهم 39 أكفّاء تماماً.
2. إن تقانة المعلومات
والاتصالات توفر قراءة للنصوص يمكن لضعاف البصر استعمالها لسماع النص، وهذه اليوم
إحدى قواعد الوب الناظمة التي صاغها مخترع الوب تيم بيرنرز لي.
3. إن اليوم هو الرابع
من كانون الثاني هو يوم ميلاد بريل الذي ولد عام 1809 وتوفي عام 1852 إثر إصابته
بمرض السل. ونقلت رفاته لتوضع في مقبرة الخالدين في باريس تقديراً لابتكاره وما
قدمه للإنسانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق