بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 أبريل 2015

جلجامش في حلقات (4)/ موت أنكيدو



لم يلاحظ البطلان، اللذان خلب لبهما النجاح، أنهما تجاوزا كل الحدود في تصرفاتهما ومعاركهما، وأنه لابد للعنة الإلهية أن تلاحقهما. فذات يوم ألّم بأنكيدو مرض شديد، قاوم أنكيدو المرض طوال أثنى عشر يوماً، لكن الموت كان بانتظاره.

أنكيدو، يا صديقي، يا أخي الصغير، يا نمر الصحارى،


صديقي الذي قتل الأسود معي،

صديقي الذي واجه معي كل الصعاب،

قد حلّ قدره،

بكيته ستة أيام وستة ليال،

ومن ثم خفت من الموت فهربت إلى الغزو،

صديقي الذي أحببت أصبح مثل الطين،

وسيكون عليّ أن أستلقي مثله،

وألا أقوم واقفاً أبداً؟

وبالرغم من كل العناية الخاصة، مات أنكيدو في غسق اليوم الثالث عشر بين ذراعي صديقه.
يصدح جلجامش اليائس بقصيدته الجنائزية السابقة تأبيناً لصديقه الذي لا يضارعه صديق ويبكيه ستة أيام وست ليال. ويدرك أنه هو أيضاً سيلقى حتفه، يغشاه الخوف والارتباك فيهرب بعيداً عن مملكته. ومع هذا فهو يأمل بحياة سرمدية على شاكلة الآلهة ومثل بطل الطوفان الكوني أوتنابيشتيم. وهنا يقرر جلجامش التخلي عن كل شيء والسفر بحثاً عن أوتنابيشتيم ليسأله سرّ الخلود.
كانت الرحلة صعبة محفوفة بالمخاطر الكبيرة. كان أول هذه المخاطر التخلص من الأسود، ومن ثم بلوغ قمة ماشو المؤلفة من قمتين توأمين ترتكز عليهما القبة السماوية، اللتان من بينهما تنزل الشمس كل مساء لتمضي في النفق أسفل الأرض الذي يقودها إلى الشرق.
يحرس بوابة الجبل رجالٌ عقارب (الذكر وأنثاه) تمس رؤوسها مصطبة السموات وصدورها تبلغ جهنم. يشعر جلجامش باصفرار وجهه عند رؤيتها خوفاً ورعباً، ولكنه يتمالك نفسه وينحني أمامها.


وفي الواقع فإن الرجال العقارب يتعرفون فيه "لحم الآلهة"، وبعد أن يسألوه عن سبب زيارته، يفتحون له الأبواب ذات المصاريع المصنوعة من خشب الأرز.
يسير في طريق حالكة طوال إحدى عشر زوج من الساعات، وساعة أخرى حتى لا يكتوي بأشعة الشمس. وبعدها يشع الضوء مجدداً ليجد جلجامش نفسه في جنة رائعة تمتد على طول البحر حيث تحمل الأشجار أحجاراً كريمة من كل الألوان بدلاً من الفاكهة.

الحلقة الخامسة      الحلقة الثالثة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق