وهي منطقة في شمالي الصحراء الجزائرية في
ولاية غرداية، تبعد قرابة 600 كيلو متر عن العاصمة الجزائر. وهي هضبة يعبرها واد
يحمل الاسم نفسه، يترواح ارتفاعها عن سطح البحر بين 300 و 800 متراً. أمطارها قليلة،
وصيفها حار جداً. وبحسب ابن خلدون فإن اسمها يأتي من العزّاب، لكثرة غير المتزوجين
فيها ربما، في حين أن آخرين قالوا بأن اسمها مشتق من كلمة "المُصاب"،
ربما لما لاقاه أهلها في حياتهم.
وأهلها إنما جاءوا في القرن العاشر إليها بعد
سقوط دولتهم الرستمية التي كانت تشغل سواحل المغرب العربي حتى الشاطئ الغربي من لبيا
اليوم، وكان هذا السقوط على يد الفاطميين. فما كان من قادة الدولة الرستمية إلا أن
قادوا أتباعهم إلى منطقة المزاب بعيداً عن الأعين وعن الصدام. وهم كانوا من أتباع أحد
مذاهب الخوارج وهو المذهب الإباضي، ولا يزالون. والإباضيون اليوم موجودون اليوم في
سلطنة عُمان أساساً وبعض المناطق الأخرى ومنها المزاب. اشتهرت هذه المنطقة في
القرن الثامن عشر باعتبارها تقاطع تجاري للقوافل بين مناطق الصحراء الإفريقية، حيث
كان يٌباع الصوف والتمور والملح والفحم والسلاح والعبيد أيضاً.
مدينة غرداية ومئذنتها الكبيرة |
تشتهر هذه المنطقة بمدينها الفريدة والجميلة
في قلب الصحراء وبيوتها المقاومة للحر حيث يحلو المقام فيها في الصيف كما في
الشتاء. كل مدينة تمثل واحة معزولة. من أشهر المدن مدينة غرداية وهي عاصمة منطقة
المزاب. اعتبرت اليونسكو هذه المدينة من مدن التراث الإنساني لهندستها وتاريخها، بجامعها
الكبير ومئذنته المخروطية الكبيرة التي تشرف على المنطقة بأكملها، والتي تظهر التأثير الإفريقي في العمارة. مدينة أخرى هي مدينة
"العطف"، هي أقدم مدن المزاب إذا بنيت عام 1012، وكانت العاصمة لوهلة ولكن
نجمها أفل اليوم.
مدينة العطف... أولى مدن المزاب |
يقطن المنطقة اليوم جماعات من شعوب وديانات مختلفة.
فمنهم المزابيون، ومنهم الأفارقة السود، ومنهم العرب، ومنهم اليهود الذين تركوا
الأندلس بعد سيطرة الإسبان عليها ومطاردتهم لليهود. عاشوا عموماً بسلام، لكن
أحداثاً طرأت بين المزابيين والعرب عقب خلاف على عقارات وأرض فاقتتلوا فيما بينهم
بين عامي 1984 و 1991 راح ضحيتها عشرات من الطرفين...ولا يزال الناس يقتتلون على
حجارة... حجارة.