الحكم بالإعدام هو الحكم الذي تنطق به المؤسسة القضائية عقب
محاكمة تعتبر فيها الجاني مذنباً بجرم كبير يستحق الإعدام. وفي حال غياب المحاكمة
فيعتبر ذلك إعداماً تعسفياً أو انتقاماً أو عدالة خاصة. والإعدام هو إذن إنهاء
حياة شخص ما عقوبة على ما يفترض أنه اقترفه. ظناً بأن ذلك جزاء محق، ينصف المجني
عليه وكذلك المجتمع بردع من تخوّل له نفسه ارتكاب أعمال شنيعة. لكن هل الأمر هو
كذلك بالفعل؟
عقوبة الإعدام هي عقوبة يعود تاريخها إلى
أولى الشرائع والقوانين مثل شريعة حمورابي في مطلع الألف الثاني قبل
الميلاد، التي كانت تقول بأن العين بالعين، وأن على من بنى بيتاً مثلاً فوقع على رأس
ساكنه فقتله سيقتل جزاءً على سوء عمله، وإن كان ابن صاحب البيت من يموت بفعل وقوع
البيت على رأسه فسيقتل ابن البنّاء وهكذا. ولكن أفلاطون لم يكن يرى في ذلك عدلاً،
لأن الجاني هو بطريقة ما مريض يجب معالجته وإصلاحه عن طريق التعليم، وإذا لم يصلح
حاله بالتعليم فيكون الإعدام. أما أرسطو فقال بضرورة المحاكمة وتأخير عقوبة
الإعدام واستبدالها بالدية إلا في حالات القتل عن سابق إصرار وعمد فعندها تجوز
عقوبة الإعدام. أما في روما فلم يكن الإعدام عقوبة دارجة وكان يستعاض عنها بالنفي أو
التعذيب أو السجن إلا في الحالات الشائنة فيكون الإعدام. وفي عام 747 أعلنت الصين
وقف العمل بحكم الإعدام، ولكنها اليوم تحتل قصب السبق في مجال الإعدام! أما
الفيلسوف والمشرع البريطاني توماس مور فقد اعتبر في عام 1516 أن عقوبة الإعدام لا
معنى لها ويفضل استبدالها بالعبودية، ولكن هذا لم يمنع إعدامه هو بتهمة الخيانة
لأنه رفض الاعتراف بطلاق الملك هنري الثامن من زوجته ووصايته على الكنيسة!

بقي أن نقول إن القرار في هذا يعود في أغلبه
لمزاج عامة الناس أو الناخبين، فبعض الدول لا يزال مزاج مواطنيها يميل إلى الإيمان بالعقوبة، ناسين أن عقوبة الإعدام هي قتل أيضاً، وأنهم يعبرون عن اشمئزازهم من القتل
بالقتل!!... وللموضوع بقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق