بين الشمبانزي والإنسان تشابهات كثيرة. فمن حيث
مراحل الحياة يمر الشمبانزي بمرحلة الطفولة والصبا والبلوغ والنضوج. وسطي حياة الشمبانزي
يقع بين 35 إلى 40 عاماً بحسب النوع، ويمكن أن يصل عمره حتى الستين عاماً. ومع أن
معظم الشمبانزي يستخدم أطرافه الأربعة في التنقل ولكن يمكنه الوقوف على ساقيه
والتعلق بيديه والتنقل بين الأغصان. يتراوح وزن الذكر بين 35 و 70 كيلوغراماً، وطوله
بين 90 و 120 سم. أما الأنثى فيتراوح وزنها بين 26 و 50 كيلوغراماً وطولها بين 66
و 100 سم. ومدة الحمل هي بين 8.5 و 9 أشهر. والبلوغ الجنسي يكون بين 12 و 13 سنة.
تحمل الأنثى مرة كل خمس سنوات. يبقى صغار الشمبانزي مع آبائهم حتى الخامسة من
العمر قبل أن ينفصلوا عن أمهم.
يتغذى الشمبانزي بالفواكه والأوراق والزهور
والبراعم ونسغ الشجر وكذلك بالحشرات، خاصة النمل، والعصافير والبيض. بعض أنواع
الشمبانزي تأكل لحم الغزلان وغيرها. المساحة التي يتنقل فيها الشمبانزي ويمارس
نشاطاته الفردية تبلغ نحو 12.5 كيلومتر مربع. اللعب مكون أساسي من حياة الشمبانزي
وله أدوار مختلفة يبدأ باللعب مع الأم ثم ينتقل إلى اللعب مع الآخرين. ويمارس
اللعب كبيراً عبر العراك مع الآخرين يتعلم من خلاله السيطرة على عدوانيته واحترام
علاقات الهيمنة القائمة وعلى الترابط الاجتماعي. واللعب يسمح له باكتشاف إمكانات
الوسط المحيط والتحكم بقدراته الفيزيائية.
يعيش الشمبانزي في مجموعات وعلاقته
الاجتماعية هامة جداً ذلك لأن التوازن الفردي لا يعتمد فقط على الفوائد المادية المحققة
من العيش معاً ولكن أيضاً على الفوائد المحققة من العلاقات الاجتماعية مع الآخرين التي يؤدي اختلالها إلى اضطرابات نفسية لديه.
والتفاعل القريب بين الأفراد يمكن أن يكون لمسياً أو بصرياً، وهذا الأخير يشكل
نوعاً من اللغة عن طريق التحديق وحركة الجفون وتحريك الفم وإظهار الأنياب، واليدين أيضاً.
تتألف الجموعة المستقلة من عدد محدود من
الأفراد يصل وسطياً إلى الخمسين، ومن النادر أن يزيد عن المائة، وإن زاد فهو أقل من 150 فرداً. وهي تعيش في
تراكيب اندماجية مرنة تتشكل في داخلها
مجموعات أصغر لها أيضاً أن تتفكك بسرعة بحسب كمية الطعام المتوفرة أو المخاطر
المحدقة والكثافة السكانية الموجودة على أرض الجماعة. وهي تبقى في أراضيها مستقرة على
مساحة من نحو 50 كيلومتر مربع.
تغادر الإناث البالغة المجموعة عموماً لتنضم
إلى مجموعة أخرى، وهذا ما يمنع التكاثر بين قربى الدم. أما ذكور المجموعات الناضجون فيتحاشون بعضهم. ولكن يمكن أن تكون العلاقة بين مجموعات الشمبانزي عنيفة جداً. فهم لا
يحبون اعتداء الجماعات الأخرى على أراضيهم،
ويمكن أن تنشب بينهم معارك طاحنة قد تودي بحياة كامل أفراد جماعة أخرى.
تعرف الشمبانزي التراتبية في المجموعة يكون
فيها السيّد والمسود دون أن يشكل ذلك ضيقاً لدى المسود، والمهم أن يكون للفرد مكانة
محددة في الجماعة. ولديهم الفرد المسمى ألفا، لنقل الزعيم، وغالباً ما يكون ذكراً.
له المكانة الأولى في المجموعة وله ميزات إضافية عن الباقين، له الأولية في الطعام
وفي الإخصاب. وعند ظهور أزمة بين أفراد المجموعة يقوم الزعيم بالتصرف كوسيط بين
الأطراف بهدف الحفاظ على الوئام الاجتماعي بما في ذلك من مصلحة للجماعة.
تقوم أفراد الشمبانزي بتنظيف بعضها من
الحشرات المختبئة في الشعر، وهو نشاط علاقات هام بين أفراد المجموعة. وهو يساهم في
نظافة الأفراد ويعرضها في الآن نفسه للمرض. ولكن هذه العملية تزيد من قرب الأفراد من
بعضها وتخفف من الأزمات وحدتها بين هؤلاء الأفراد. والعلاقات الاجتماعية الطيبة
بين الأفراد تخفف من خطر اعتدائهم على بعضهم البعض. وقد لوحظ أن المعتدي والمعتدى
عليه يصابان بالتوتر، وخاصة بين هؤلاء الذين كانت قد نشأت بينهم علاقة ود قوية.
يمكن لمن هو من مرتبة أخفض أن يتقرب ممن هو أعلى مرتبة باتخاذ أوضاع إذعان يكون
فيها لعملية التنظيف المتبادل أن تخفف من حدتها.
وفاة أو فقدان أحد الأفراد من ذوي الرتب
العليا يمكن أن يخل بتوازن العلاقات الاجتماعية القائمة ويقود إلى بعض الشغب في
المجموعة. وفقدان الزعيم يقود إلى انتخب زعيم آخر. أو عند وصول المجموع إلى عدد
أكبر مما لها أن تحتمل فتنقسم إلى مجموعتين ينتخب للمجموعة الجديدة زعيم أيضاً. وقد
يتم استبدال الزعيم بسبب وجود منافس أو أكثر. وفي كل الأحوال فإن على الزعيم
الجديد أن يحوز على قبول المجموعة. وهنا تبدأ عمليات تشابه العمليات الانتخابية،
حيث يأخذ مدعي الزعامة بالتقرب من الآخرين عن طريق عرض حمايته لهم وإظهار قدراته في حل النزاعات،...
وأيضاً تودده إلى الإناث... أما الموافقة فيعرب عنها الشمبانزي بإصدار همهمات
ونظرات يفهم منها القبول.
كل هذا يظهر القرابة بين الشمبانزي والإنسان. لما لا إذا كان الاثنان ينحدران من جد بعيد يعود إلى بضعة ملايين السنين... قرابة
تركت آثارها في المورثات، فالشمبانزي هو من أقرب الكائنات إلى الإنسان وراثياً حيث يشترك بنسبة 99.4% من الـ د. إن. إي مع
الإنسان، أي أن الفارق بينهما هو 0.6% فقط... وللشمبانزي قدرات عقلية بيّنة لم تحميه
من بطش الإنسان، فهو وغيره من القردة على طريق الانقراض ما لم يقم الإنسان بما
عليه تجاه أمه الطبيعة.
يمكن، لمن يريد، مشاركة هذه الورقة... مع جزيل الشكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق