والقصد
بـ"آمنة"
هنا
بمعنى صعوبة
قراءة
الرسالة عند
التقاطها من قبل أي كان.
وهذه
قصة شغلت الناس منذ بدأوا تبادل الرسائل
وخاصة الهامة منها
مثل
الرسائل الحربية.
وهنا
استخدم
ما سُميَّ بالتعمية، أي جعل النص غير
مفهوم لقارئ عادي.
ويحكى
أن القيصر يوليوس كان أول من استخدم
التعمية في رسائله مع قادة جيوش روما
باستخدام طريق بسيطة تعتمد على إجراء
انزياح بمقدار معين في حروف
الأبجدية.
فمثلاً
لو أردنا كتابة كلمة "قيصر"
باستخدام
تعمية تقوم على انزياح بمقدار 4
في
الأبجدية:
أ
ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي
1
2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27
28
لكان
الناتج هو:
نثعص،
حيث استعضنا عن كل حرف من كلمة "قيصر"
بالحرف
الرابع الذي يليه في الأبجدية، فحرف "ق"
نضع
بدلاً عنه "ن"،
وحرف "ي"
نضع
بدلاً عنه "ث"
وهكذا
نحصل على "نثعص"
التي
لا يمكن معرفة أصلها إذا لم نكن نعرف مقدار
الانزياح المستعمل في الرسالة المعمّاة.
إلا
أن
هذا ممكن
كشفه بالتجريب والمحاولة ومعرفة
بعض خواص اللغة المكتوبة الرسالة فيها.
يمكن
تعقيد التعمية بأن يزاح الحرف الأول
بمقدار والثاني بمقدار آخر وهلمجرا، هذا
سيجعل قراءة الرسالة أكثر صعوبة ولكنه
لن يكون مستحيلاً.
أو
عبر استخدام ما يسمى
"مفتاح"
للرسالة
يجب معرفته لقراءتها وإلا ستبقى مجهولة،
وهذا المفتاح قد يكون كلمة ثابتة تضاف
إلى كلمات الرسالة ليتشكل عن ذلك رسالة
أخرى.
لتأخذ
كلمة "تعمية"
ككلمة
مفتاح
تضاف إلى كل كلمة من الرسالة، لنأخذ كلمة
"قيصر"
التي
سيستعاض عن حروفها بأرقام ترتيب هذه
الحروف في الأبجدية ومن ثم يضاف إلى هذه
الأرقام أرقام ترتيب الحروف الأربعة
الأولى (لأن
كلمة قيصر مؤلفة من أربعة حروف)
من
كلمة "تعمية"
لنحصل
على أرقام تدل حروفها على كلمة "معرر"،
وهي الكلمة التي ستُرسل وسيقوم متلقي هذه
الكلمة بكشف الكلمة الأصلية بالطريقة
نفسها ولكنه سيستخدم عملية الطرح بدلاً
من الجمع.
المشكلة
في هذه الطريقة أن بإمكان المتلقي أن يقرأ
أية رسالة حتى لو لم تكن موجهة إليه، كما
أن كشف كلمة المفتاح ليست بالصعبة باستخدام
حواسيب اليوم ومعرفة خواص اللغة التي
تكتب قيها الرسائل.
لذا
لجأنا إلى طريقة جديدة منذ مطلع سبعينيات
القرن الماضي تسمى طريقة RSA
وهي
الحروف الأولى لأسماء مخترعي هذه الطريقة.
وهي
تقوم على استخدام مفتاحين، الأول مفتاح
عام يمكن لأي شخص استخدامه في تعمية رسائل
توجه إلى شخص آخر يملك مفتاحاً خاصاً لا
يمكن قراءة الرسالة إلا بهذا المفتاح
الخاص وبهذا المفتاح فقط دون غيره من كل
مفاتيح الأرض (بما
في ذلك المفتاح العام)
الذي
يملكه شخص واحد فقط.
تقوم
الفكرة على استخدام عددين أوليين (لا
يقسمان إلا على أنفسهما والواحد طبعاً)
كبيرين
P
و
Q
لا
أحد يعرفهما إلا الشخص الذي يملك المفتاح
الخاص.
وعليهما
وعلى جدائهما سيشكل هذا الشخص
مفتاحاً عاماً سيعطيه إلى كل من يود
مراسلته لاستخدامه في تعمية رسائله.
وهذا
الشخص سيشكل بناء على العددين P
و
Q
وعلى
المفتاح العام مفتاحه الخاص الذي سيمكنه
من قراءة الرسائل الموجهة إليه والمعماة.
ولا
يمكن كسر هذه التعمية إلا بمعرفة العددين
P
و
Q
أولاً،
وهي معرفة قد يمضي حاسوب كبير سنوات وسنوات
في معرفتهما.
هذه
الطريقة الأخيرة هي المستعملة، من حيث
المبدأ، في إرسال البيانات
الإلكترونية عبر المواقع الحساسة مثل
المصارف أو مواقع المراكز الهامة،
والتي بُني عليها ما يسمى بالتراسل الآمن،
فكل البيانات والعمليات التي ترسل من
حواسيبنا إلى مصرف ما تكون معماة بواسطة
المفتاح العام الذي يستخدمه الموقع على
حواسيبنا نفسها، ولا يمكن لأحد قراءتها
سوى الحاسوب الخاص بالمصرف بواسطة المفتاح
الخاص الموجود لديه....
نرجو
أن يكون الموضوع مفهوماً فقد حاولنا
تبسيطه بقدر ما استطعنا...
ولكن!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق