نموذج العمل أو التشغيل الراهن يقوم على وجود صاحب عمل
(الدولة،
شركة، مالك أرض...)
وعاملين
لديه يتقاضون راتباً شهرياً، في الأغلب،
وفق عقد عمل يحدد الشروط والواجبات لكل
طرف.
لهذا
النموذج ميزات عديدة للعاملين، من بينها
أنه يضمن لهم دخلاً معروفاً ثابتاً يمكنهم
بحسبه بناء مشاريع حياتهم الخاصة.
أما
لصاحب العمل فهو يضمن
له مثلاً توفر القوة العاملة التي يحتاجها
في أعماله وخاصة المؤهلة منها التي اكتسبت
خبرة من عملها وهي خبرة ذات قيمة اقتصادية
حاسمة أحياناً.
ولكن
هذا النموذج أيضاً يرغم صاحب العمل على
الاحتفاظ بحد أدنى من العاملين لديه حتى
وإن كانت مشغوليتهم ليست بالتامة، وفي
هذا كلفة تقع على صاحب العمل يصعب تجنبها
في هذا النموذج، وهي تمثل عبئاً في عالم
تنافسي، ولكن ما الحل!

ينمو
هذا النوع من العمل في ميادين التصميم
الفني، وتقانة المعلومات والحواسيب
لكتابة برامج محددة، وفي مجال البناء
والإكساء،
وفي مجال التواصل والكتابة التقنية
والترجمة وكذلك في مجال النقل، والصيانة
وغير
ذلك من الأعمال التي لا تتطلب المكوث في
مقر العمل.
يقول
المدافعون عن هذا النمط من العمل بأنه
يوفر المرونة بحيث يمكن للعاملين أن
يباشروا عملهم بحسب إيقاع حياتهم، وبأن
لعملهم أن يتنوع من مرة إلى أخرى وخاصة
لأصحاب المهارات المتعددة، وأن لهم
الحق في اختيار ما سيعملون
به أو لا وليسوا
مرغمين
كما في حالة العمل الثابت، وأخيراً إمكانية
العمل لدى أكثر من جهة.
ولمناهضي
هذا النوع من العمل انتقادات أهمها عدم
ثبات الدخل والخوف من الغد الذي لا يضمن
توفر عمل، وكذلك صعوبة برمجة
العمل ليوم ما وخاصة في حالة العمل لدى
أكثر من طرف، وأخيراً فقدان الميزات الأخرى
كالضمان الصحي أو المكافآت السنوية أو
التقاعد.
وبالرغم
من كل هذا فإن قرابة ثلث القوة العاملة
في الولايات المتحدة حالياً تسير على هذا
الطريق الذي لا يتطلب من الكثيرين من
أصحاب العمل أن يكونوا ممثلين في كل مكان
وإنما يكفيهم أن يكون لديهم "عمال بالقطعة"
لكي
يوسعوا من دائرة تقديم خدماتهم ومن
العاملين معهم!...
سيغير
هذا في الكثير من الاقتصاد والمجتمع
ومفاهيمهما...
إنه
عالم لا يتوقف عن التغير، تغيير لا نعرف آثاره إلا بعد نضوج التجربة، وهو في كل الأحوال يعلي الجوانب الاقتصادية على الاجتماعية، فصاحب رأس المال لا يزال هو المحق، ولا تزال السياسة تساير الاقتصادي أكثر من الاجتماعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق