ليس صنع
القرار بالأمر الهيّن والواضح دائماً. هناك نظريات علمية كثيرة تساعد على اتخاذ
القرار، من بينها ما يسمى بنظرية السبْق Game
theory (وإن كان البعض يترجمها بنظرية الألعاب، ولكن لا ألعاب هنا، وإنما
تسابق)، والسبق هنا هو بمعنى الحصول على أفضل حصة في عملية يشارك فيها أكثر من
متسابق أو طرف. تساعد هذه النظرية على المساعدة على اتخاذ قرار أو على بناء
استراتيجية عمل في حالة المسائل التي يشارك فيها طرفان أو أكثر. والمتسابقون قد
يكونوا شركات تبحث عن الحصول على أكبر حصة من السوق أو الحصول عليها بالكامل. وقد
يكون المتسابقون جيوشاً تخوض معارك مواجهة، أو غير ذلك من حالات يتسابق فيها أطراف
متعددة.
من بين أكثر المسائل شيوعاً تلك
التي تسمى بـ "معضلة السجين"، وهي قضية طرفاها شخصان لنسميهما روميو
وجوليت اللذان قاما بالسطو على محل مجوهرات ووقعا بيد الشرطة بعد أسبوع. ولكن لم
يكن يتوفر للشرطة اي دليل قاطع على سطوهما على المحل ولكن شكها كان كبيراً. لذا
يقرر مفتش الشرطة استجواب كل منهما على انفراد. لم يؤدي الاستجواب إلى أي شيء،
وهنا يعرض المفتش على كل منهما على انفراد أيضاً ما يلي: إذا رويت ما حدث بصدق
وأنكر صاحبك كل شيء فإنك ستعفى (ستعفين) تماماً من أية تهمة وسينال صاحبك عقوبة
السجن عشرين عاماً، أما إذا اعترف كل منكما فإن كل منكما سينال عقوبة السجن لعشر
سنوات. ولكن في حالة صمت كل منهما فلن يكون بإمكان القضاء إصدار عقوبة بالسجن
لأكثر من سنة بسبب عدم تعاونهما مع القضاء أو ما شابه ذلك. فماذا سيفعل كل منهما
حيال هذه المعضلة التي يضعهما المفتش أمامها؟
هل يشي كل
منهما بالآخر؟ هل يصمتان؟ ولكن إذا قرر أحدهما الصمت فكيف له أن يضمن أن الآخر
سيصمت؟ فإذا صمت ووشى به الآخر فعندها سيمضي عشرين عاماً في السجن!! هنا تقدم
الرياضيات الحل ممثلة بالأمريكي جون ناش John
Nash (ربما شاهد البعض فيلم The
Beautiful Mindالذي يروي بعضاً من
جوانب حياة هذا الرجل) الذي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد مشاركة مع آخرين عن
أعماله في نظرية السبق وخاصة تلك التي تسمى "توازن ناش"، وهي حالة يكون
فيها:
1.
كل متسابق يتوقع على نحو صحيح خيار الآخرين،
2.
كل متسابق يحصل على أفضل نتيجة بناء على هذا التوقع.
أي أن توازن ناش هو بحيث لا يندم
أي متسابق على خياره آخذا بالاعتبار خيار\خيارات الآخرين. وقد برهن ناش باستخدام
الرياضيات على صحة هذا التوازن.
وفي حالة روميو وجوليت فإن خيار
توازن ناش هو الوشاية. فقد يكون نصيب الواشي صفراً أو عشر سنوات، ولكنه لن يندم
على خياره أبداً. أما إذا صمت فقد يندم على صمته إن وشى به الآخر!...
طبعاً نسي ناش إمكانية أن روميو
وجوليت ربما كانا عاشقين وان كل منهما سيختار الصمت بكل ما في ذلك من تضحية على
طريقة العاشقين،... عندها سيكون جزاء كل منهما السجن لسنة واحدة فقط!... بين العقل
والقلب مسافة كبيرة أحياناً يصعب فهما.
عزيزي نور. لقد قرأت كتابه منذ نحو عشرين عاماً وهو ممتع للغايه خاصه للشباب اللذين يدخلون معترك الحياه بحثاً عن النجاح.حتماً سياساعدهم هذا الكتاب على أتخاذ القرارات المناسبه وغير الخاسره للخيارات التي سيواجهونها .نتمنى للجميع النجاح دون الرضوخ للصدف والقدر.
ردحذف